قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن متطلبات المرحلة تفرض على المغرب إعادة توجيه السياسات العمومية وبناء منظومة جديدة للاقتصاد الوطني، تكون قادرة على الصمود إزاء التقلبات الفجائية وتحقيق مزيد من التنمية الدامجة، يكون في مرحلتها الأولى الاستثمار العمومي رافعة لتقوية وإنعاش الاستثمار الخاص، قبل الانتقال لجعل الاستثمار الخاص المحرك الأساسي للتنمية .
وقال في كلمة ألقاها، اليوم بمجلس النواب بمناسبة انعقاد الجلسة العمومية للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة، إن الحكومة سعت في هذا الإطار، ومن خلال تعزيز الاستثمار العمومي، إلى ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، عبر الاستثمار في الرأسمال البشري، من خلال مواصلة المجهود الاستثماري في القطاع الصحي وتفعيل مخطط إصلاح المنظومة الصحية، وكذا تعزيز الاستثمارات لتنزيل إصلاح المدرسة العمومية، حيث شكلت، بحسبه، الميزانية المخصصة للقطاعين معا، حوالي ثلث ميزانية سنة 2023.
وأفاد “أخنوش” أن الحكومة قامت خلال السنة الجارية بزيادة ميزانية الاستثمار العمومي، لتبلغ 300 مليار درهم، بعدما كانت في سنة 2022 في حدود 245 مليار درهم، أي بزيادة 55 مليار درهم مقارنة مع السنة الماضية، والتي تعتبر الأكبر من نوعها في تاريخ بلادنا، وعيا منها بدور الرافعة الذي من المفترض أن يلعبه الاستثمار العمومي لصالح الاستثمار الخاص، حيث نسعى لملائمة سياسة الدولة في مجال الاستثمار مع التحولات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية، على حد تعبيره.
كما أبرز دور الحكومة في إعطاء دفعة قوية لعمل لجنة الاستثمارات، وقال “لقد حرصت شخصيا على التتبع المنتظم لهذه اللجنة، وذلك نظرا للدور الهام الذي تلعبه في تسهيل فعل الاستثمار، وتشجيع المبادرة العمومية والخاصة”.
وأكد رئيس الحكومة انخراط بلادنا منذ بداية الألفية الثالثة في دينامية الانفتاح الاقتصادي، وتجلى ذلك في تشجيعها للاستثمار سواء الوطني أو الأجنبي بإدماجه في مجموعة من الاستراتيجيات القطاعية، وهو ما مكن، بحسبه، من الرفع من مردودية الاقتصاد الوطني وجاذبيته في إطار خطة طموحة للتحول الاقتصادي، ترتكز على تفعيل الاستراتيجيات القطاعية بما يمكن من تعزيز تنافسية المنتوج الوطني وخلق سياسات عمومية منتجة لفرص شغل جديدة وتقوية السيادة الوطنية.
وأشار إلى أن هذه الدينامية، مكنت المغرب من تحقيق نتائج إيجابية بمجموعة من السياسات القطاعية، من بينها قطاع صناعة السيارات الذي تجاوزت صادراته لأول مرة عتبة 100مليار درهم نهاية السنة المنصرمة، أي بارتفاع بنسبة 35% مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية، على حد قوله.
كما أضاف أنه بالموازاة مع كل المجهودات المبذولة على مستوى تحفيز الاستثمار ومن أجل مواكبة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، عملت الحكومة على إخراج الميثاق الجديد للاستثمار لحيز الوجود وذلك تفعيلا لتوجيهات عاهل البلاد، مشيرا في هذا الإطار إلى أن الحكومة تحلت ب”الجرأة والشجاعة والفعالية لإخراج هذا الميثاق الجديد بعد مرور تسعة أشهر فقط من تنصيبها، بعد أن عمر الميثاق السابق لأزيد من 22 سنة”، معتمدة في ذلك على مقاربة تشاركية والتقائية، مع كل مكونات الحكومة والفاعلين الاقتصاديين، في استحضار للمصلحة العليا للوطن، بعيدا عن منطق الأغلبية والمعارضة.
وأضاف “لكي يحقق هذا الميثاق أهدافه المرجوة، فقد تم اعتماد منظومة مبتكرة للتمويل، ترتكز على أنظمة لدعم الاستثمار تشمل نظاما أساسيا وأنظمة خاصة، وتشمل هذه الأنظمة كل أنواع الاستثمارات، كبيرة كانت أو صغيرة، وجميع المجالات الترابية بدون استثناء، لنمو اقتصادي منصف، شامل، أخضر ومستدام”.