بقلم: *أمين سامي*
الجودة أو النوعية (بالإنجليزية: Quality) في مجال التصنيع هي مقياس للتميز أو حالة الخلو من العيوب والنواقص والتباينات الكبيرة عن طريق الالتزام الصارم بمعايير قابلة للقياس وقابلة للتحقق لإنجاز تجانس وتماثل في الناتج ترضي متطلبات محددة للعملاء أو المستخدمين. فمعيار الإيزو يحدد الجودة على أنها 《مجمل السمات والخصائص لمنتج أو الخدمة التي تجعله قادراً على تلبية الاحتياجات المذكورة صراحة أو المضمنة》
ولقد بدأت فكرة القيام والاهتمام بالجودة مع برنامج الفضاء في الولايات المتحدة حيث كان أي خطأ أو عدم انضباط تؤدي إلى انفجار صاروخ وقت اطلاقه. خسارة مالية باهظة ثم مع الشروع بالرحلات إلى الفضاء والاهتمام بسلامة رواد الفضاء، أصبح من الضروري أن تعمل كل الأجزاء المكونة للصاروخ على وجه سليم حتى يتحقق اطلاق سليم والمحافظة على أرواح رواد الفضاء. وقد أصدرت أول معايير الجودة بغرض قياس جودة كل جزء من بنية الصاروخ والتأكد من نظام عملها كمجموع.ثم تعمم مفهوم الجودة وأصبحت الجودة متعلقة على وحدات المؤسسة بكاملها من الإدارة إلى جودة المواد الواردة، إلى جودة الإنتاج وجودة العاملين، إلى الفحص، إلى المخازن، وكذلك التوريد، وخدمات ما بعد التوريد لصالح العميل. وتنظم الجودة في المؤسسة بآليات ونظم مكتوبة لكل قسم على حدة، ونظم مكتوبة للتوفيق بين جودة أقسام المؤسسة، بغرض التحكم في الجودة وكذلك ضمانها، ومنها:
١. تخطيط الجودة
٢. ضمان الجودة
٣. ضبط الجودة
٤. التطوير المستمر
إن المعنى التقييمي للجودة: هو جودة كل صفات الشيء أو النظام، أو العملية.
ومع التطور الحاصل اليوم ظهرت نماذج جديدة ومتطورة للجودة وظهرت مفاهيم ومقاييس الجودة، فأصبحنا نتكلم على النموذج الأوروبي للتميز EFQM، ونموذج مالكوم، والجودة الشاملة ونموذج السبيعي للمنظمات الخيرية وظهرت مقاييس منها الأيزو 9001 والايزو 14001 المخصص للبيئة وغيرها كثير … وأصبحت الجودة اليوم عنصر أساسي للتميز والاستدامة وأصبحت كبرى الشركات العالمية والدولية وحتى الدول من خلال مؤسساتها الحكومية تسعى للحصول على شهادة الجودة للمحافظة على مكانتها أو من أجل الحصول على امتياز تنافسي يمكنها من تصدر المشهد أو السوق أو القطاع الذي تنتمي إليه.
إن الجودة داخل المنظمات كيفما كان شكلها وحجمها وطبيعة أنشطتها وعمرها يتطلب توفر ثلاث عناصر أساسية وهي : إنسان الجودة، وثقافة الجودة و تنظيم الجودة، هذه العناصر الثلاث هي الشروط العميقة والأساسية لنجاح المنظمة في الجودة.
ومع التقدم الحاصل اليوم في المجال التكنولوجي وظهور بوادر الثورة الصناعية الرابعة والتحول الرقمي المتسارع على مختلف القطاعات أصبحت الجودة اليوم مطلبا أساسيا ومصيريا وتحديا كبيرا من بين التحديات المستقبلية خاصة بعد ظهور الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء و البلوكشين، والأمن السيبراني و اقتصاد البيانات والبيانات الضخمة وغيرها من المنتجات والخدمات الجديدة المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة، كل هذا أصبح اليوم يطرح تساؤل حيوي ومصيري حول الجودة وذلك من خلال ما هي المعايير الجديدة للجودة؟ وماهي المقاييس المعتمدة في هذا المجال؟ وغيرها كثير…
إن المتتبع للتطورات الحاصلة اليوم وغذا يدرك جيدا إننا نحن أمام تحدي جديد تحد ترتكز موارده الأولية على البيانات الضخمة التي يتم تجميعها بمختلف الطرق والأساليب والتي تعتبر اليوم هي المحرك الرئيسي للذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وغيرها من منتجات الازمنة الحديثة، فالمستقبل للصناعة 4.0 التي تعتمد على التكنولوجيات العالية جدا ،فنحن أمام المصانع الذاتية الإنتاج، والسيارات الذاتية القيادة، والفلاحة الرقمية والطب الرقمي والحكومة الرقمية والمنازل الذكية والخدمات الذكية والتسوق الذكي،… كل هذه الأمور وغيرها قادرة على تطوير الخدمات وإنتاج خدمات ذات جودة عالية جدا من خلال خوارزميات معدة لهذا الغرض تضمن جودة الخدمات شكلا ومضمونا وبالتالي ماهي المرتكزات والمعايير الجديدة للجودة في ظل عصر الثورة الصناعية الرابعة؟.
*خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير