لازال سكان دوار “الرميلية” بسيدي يحيى زعير الذين تم هدم محلات سكناهم منذ حوالي السنتين، يعانون جراء التأخر الكبير في توفير المنتوج السكني البديل.
وأجمعت تصريحات المعنيين على تضاعف الأضرار التي لحقت الأسر التي قامت بهدم بيوتها، جراء عدم إعادة إسكانها، وهو ما خلف استياء وتذمرا كبيرين في صفوف المحرومين من الاستفادة، وهو ما دفع هؤلاء إلى اقتحام العمارات التي تضم الشقق المخصصة لهم قبل الانتهاء من الإجراءات الإدارية المتعلقة بالبناية.د ليدخل هذا الملف النفق المظلم إثر قيام السلطات باعتقال عدد من المقتحمين وملاحقتهم قضائيا.
وازداد المشكل استفحالا بالنسبة للمتضررين بعد رفض المؤسسات التعليمية تسجيل أبناء هذه الفئة من المواطنين بدون مبرر واضح ومعقول، كما تم منع وصول الماء الصالح للشرب إليهم، وذلك كله من أجل معاقبتهم وإجبارهم على الخروج من العمارات، تقول المصادر نفسها.
تفاقم الوضع، أشعل فتيل الاحتجاجات وسط سكان الحي المذكور الذين نظموا سلسلة من الوقفات الاحتجاجية، تارة أمام مقر العمالة، وتارة أخرى أمام المحكمة الابتدائية بتمارة تزامنا مع جلسات المحكمة التي تبث في ملف المعتقلين.
وكانت العديد من الفعاليات السياسية والمدنية والحقوقية قد أصدرت مجموعة من بيانات التضامن مع هذه الفئة الهشة من المواطنين، وكذلك بيانات التنديد بالأسلوب المتبع من طرف الجهات المعنية بعملية إعادة إسكان قاطني دور الصفيحي، محملة المسؤولية الكبرى للسلطات العمومية، التي لم تعمل، بحسب الفاعلين، على توفير المنتوج السكني البديل قبل هدم مساكن المواطنين الذين تم تركهم زهاء سنتين كاملتين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء رفقة أبنائهم الذين لا يعلمون بأي حي يمكن تسجيلهم لمتابعة دراستهم، وهو أمر لا يقبله العقل والمنطق، يقول أحد النشطاء الجمعويين.
وطالبت البيانات الصادرة بتدخل وزارة الداخلية والى الالتزام بتوصيات المجلس الأعلى للحسابات التي تؤكد على الدراسة المسبقة قبل المبادرة الى تنفيذ العملية وعلى مواكبة عمليات إعادة الإسكان من طرف وزارة الإسكان والمجلس الجماعي وعدم الاكتفاء بالدعم المالي.
هو إذن ملف اجتماعي محض تحول إلى ملف قضائي وإلى معضلة اجتماعية تتجاوز السكن إلى المس بالحرية وتقييدها كأبرز حق بعد الحق في الحياة، وإلى إنتاج البؤس النفسي في صفوف الصغار وكذا إنتاج مواطنين صادرة في حقهم أحكام سيجدون صعوبة في الاندماج في المجتمع من جديد، وبالتالي خلق مزيد من الآفات الاجتماعية، في الوقت الذي يهدف فيه برنامج إعادة الإسكان الى خلق تنمية شاملة تنطلق من الإنسان وتنتهي إليه.