أعرب عبد الرزاق الجباري، رئيس “نادي قضاة المغرب”، عن استغرابه من تكرار عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، لتصريحات تفرض على “نادي قضاة المغرب” أخذ موافقة المجلس الأعلى للسلطة القضائية حتى يستقبل مسيريه، وأن المجلس إذا أعطاه الإذن للقاء الجمعيات القضائية بشكل مباشر سيلتقيها، احتراما منه “أي الوزير” لاستقلالية السلطة القضائية.
وأبدى”الجباري” رفضه لهذا التصريح جملة وتفصيلا، وأضاف معلقا “إذا ارتضى السيد وزير العدل استصدار إذن من جهة غير حكومية للقاء الجمعيات المهنية للقضاة، فهذا اختياره ومسلكه في التدبير لا يسعنا إلا أن نحترمه، ولكن، لا يحق له أن يفرض نفس الاختيار والمسلك على “نادي قضاة المغرب”، لأن هذا الأخير جمعية مهنية تمارس نشاطها بكل حرية واستقلالية، طبقا للفصل 12 من الدستور والمادة 2 من قانونها الأساسي المصادق عليه من قبل السلطات المعنية، ومختلف الإعلانات الدولية ذات الصلة. وبالتالي، فهي ليست مرفقا تابعا للمجلس ولا لغيره من المؤسسات، كما أن من جملة المبادئ التي تأسست على فكرتها، مبدأ فصل السلط كما هو منصوص عليه في الفصل 1 من الدستور”.
وقال، في تصريح صحفي، إنه ترفع عن التفاعل مع تصريح الوزير وهبي في المرة الأولى، تغليبا للمصلحة العامة التي تقتضي، بحسبه، النأي عن كل الخلافات والصراعات التي تضر بصورة المرفق العمومي أكثر مما تنفعه، إلا أنه، وبعد تكرار هذا التصريح بمناسبة وبدونها، يضيف المتحدث، ارتأى النادي الإدلاء ببعض الإشارات لعلها تفي بالغرض.
وأضاف “من أولى هذه الإشارات، نحن مدركون جيدا بأن سبب إصرار السيد وزير العدل على الحديث عن النادي بهذه الطريقة، هو حالة الغضب التي نتجت عن أمرين اثنين، الأول: وهو موقف المكتب التنفيذي للنادي الرافض للمشاركة في لقاء وطني منظم من لدن وزارة العدل حول ملاءمة القوانين الوطنية حول الأسرة مع المواثيق الدولية، خصوصا وأن الدعوة لهذه المشاركة وجهها السيد الوزير شخصيا وممهورة بتوقيعه. والثاني: هو تصورات “نادي قضاة المغرب” حول مشروعي تعديل القانونين التنظيميين المتعلقين بالسلطة القضائية المقدمين من طرف وزارة العدل، والتي بينت تهافت العديد من التعديلات المراد إدخالها على هذين القانونين، بل ومخالفَةَ بعضها للدستور وللإعلانات الدولية ذات الصلة باستقلالية السلطة القضائية”.
وأشار عبد الرزاق الجباري، إلى ضرورة استحضار المصلحة العامة المتعالية على كل المشاعر الشخصية مهما كانت دوافع الوزير للإدلاء بتلك التصريحات، والحرص على تقليص هامش الصراعات المطبوعة بالذاتية، مؤكدا أن الفلسفة الواجب اعتمادها في تدبير أي نقاش هي تغليب تلك المصلحة بمنطق التوحيد بدل التفريق، وذلك عن طريق احترام الدستور والقانون والتوجيهات الملكية السامية، وفق ما يستلزمه حب الوطن ومصلحته العليا التي هي فوق كل اعتبار، وليس بالغضب واستلهام “فقه المعارك”، على حد قوله.
واعتبر رئيس”نادي قضاة المغرب” أن موقفه هذا مستَمَدٌّ من التوجيه الملكي السامي الذي عبر عنه عاهل البلاد في خطابه الذي ألقاء بمناسبة افتتاح البرلمان، بتاريخ 12 أكتوبر 2018، قائلا: “والواقع أن المغرب يحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وهمهم توحيد المغاربة بدل تفريقهم؛ وإلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات”.