قال محمد الدخيسي، المدير المركزي للشرطة القضائية، إن المديرية العامة للأمن الوطني تعمل باستمرار على تأطير وتوجيه كافة موظفيها في مجال الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وكرامة الأشخاص الذين يخضعون لإجراءات تدابير الحراسة النظرية تحت طائلة العقوبات التأديبية والإحالة على العدالة عند الاقتضاء.
وكشف الدخيسي، في كلمة ألقاها في ندوة دولية احتضن أشغالها، هذا اليوم، المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، أن فضاءات الوضع رهن تدابير الوضع تحت الحراسة النظرية تخضع لتأطير مسطري دقيق للحيلولة دون جعلها مجالات مغلقة، يمكن للبعض أن يعتقد أن اللجوء الى استعمال العنف فيها يبقى ممكنا في غياب تام لأي مراقبة أو متابعة أو إفلات من العقاب، وفق تعبيره.
وأبرز المسؤول أن هذه الإتفاقية، التي ترسي، وفق دعائم تعاون مؤسسي مستدام، تهدف إلى تطوير العمل المشترك بين مصالح الأمن الوطني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بغرض النهوض بثقافة حقوق الإنسان في مناهج التدريب والتكوين الشرطي، وجعلها مرجعا ودليلا مؤطرا لمهام موظفي الأمن الوطني المكلفين بإنفاذ القوانين، فضلا عن دعم الجهود التي تبذلها المؤسسة الأمنية لتعزيز الممارسات المهنية والتدخلات الميدانية التي تستند على المعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان.
وأثنى الدخيسي” على الشراكة النموذجية التي تجمع مؤسستنا الأمنية مع مجلسكم، في إطار تنفيذ مخطط عمل المديرية العامة للأمن الوطني الخاص بمواكبة المكتسبات الحقوقية الواردة في القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الصادر يوم 05 أبريل 2018، في شقها المتعلق بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، ولاسيما الفصلين 13 و 15 منه، والمتعلقين بالاختصاص الممنوح لهذه الآلية الوطنية من أجل القيام بزيارات منتظمة، لمختلف الأماكن التي يوجد فيها أشخاص محرومون أو يمكن أن يكونوا محرومين من حريتهم، بهدف تعزيز حمايتهم من التعذيب ومن ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الأمر الذي وضع السلطات المكلفة بإدارة هذه الأماكن أمام مسؤوليات عديدة تروم توفير جميع المعلومات والظروف لتمكين أعضاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب من القيام بمهامهم على أفضل وجه.
اضاف المتحدث نفسه إلى أن المملكة انخرطت بفعالية في مسلسل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها منذ المصادقة بتاريخ 21 يونيو 1993 على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما عملت على ملاءمة بنيتها التشريعية مع المبادئ الكونية لحماية حقوق الانسان والانسجام مع دينامية تأصيل تجريم التعذيب، قصد ضمان الحقوق الأساسية كالحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية وضمان التناسق بين الوثيقة الدستورية والممارسة القانونية للدولة، كما هو مؤكد في دستور 2011.
وأبرز محمد الدخيسي، المدير المركزي للشرطة القضائية، أن تنظيم فعاليات هذه الندوة الدولية لخير دليل على انفتاح المملكة المغربية على القيم الإنسانية وعزمها على مواصلة نشر ثقافة حقوق الإنسان وتوطيد دينامية الإصلاحات والأوراش التي أطلقت تحت القيادة الرشيدة لعاهل البلاد . والتي مكنت بلادنا من تأهيل المنظومة المؤسساتية الكفيلة بتعزيز وترسيخ مبادئ وقيم حقوق الإنسان، وفق قوله.
وزاد مؤكدا “إن المديرية العامة للأمن الوطني، وانسجاما منها مع أحكام دستور فاتح يوليوز 2011، الذي رسخ مجمل حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تكريس وفاء اختيار المملكة المغربية الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، وإقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، بلورت رؤية متكاملة ومندمجة تهم حقوق الإنسان واحترام الحريات من خلال وضع مخطط عمل رامي إلى الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية بصفة خاصة، والذي يرتكز على تمتين ودعم وسائل النزاهة والتخليق، وعصرنة هياكل ومناهج عمل الأمن الوطني ودعم قدرات موظفيه، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجويد التكوين الأساسي والمستمر والتخصصي وملاءمته مع المعايير الدولية والمقتضيات القانونية الوطنية ذات الصلة، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي في المجال الأمني، وتطوير مناهج وطرق البحث الجنائي ووسائل الشرطة التقنية والعلمية، والاستناد إلى القانون والتقنيات الحديثة في جمع الأدلة المادية في الميدان الجنائي، وكذا التواصل والانفتاح والتعاون مع المؤسسات والمنظمات المعنية”.