منعم أولاد ع الكريم
في ظرف شهرين، تمكن الناخب الوطني الشاب، وليد الركراكي من خلق مجموعة منسجمة ومتجانسة، حققت أحسن مشاركة مونديالية في تاريخ المغرب، بطاقم جله مغربي ومقلص إلى حدوده الدنيا، مع ما يعنيه ذلك من ترشيد للنفقات. فأثبت لمن يعنيهم الأمر، أن ما يتحقق بالروح لا يمكن شراءه بالمال وإن كان طائلا.. حقق وليد رفقة أشباله أكبر عدد من النقاط في تاريخ المشاركات المغربية بكأس العالم، محطما أسطورة منتخب 1986، بعد أن استطاع جمع فريق يغلب روح المجموعة الخلاقة على الفرديات والأنانيات الهدامة، فريق يجيد تحمل ضغط المقابلات وصعوباتها ويتقن اللعب بدون كرة، دون أن يزعزع ذلك ثقته في إمكانياته، وهذا ما كان ينقصنا في مناسبات سابقة.
هذا الإنجاز غير المسبوق أظهر أيضا ان مرحلة غير المأسوف عليه “وحيد حاليلوزيتش” كانت وقتا كرويا ثمينا ضاع منا هباء، دون الحديث عن الاموال الطائلة التي حولها بالعملة الصعبة إلى حسابه بالبنوك الأجنبية وهو يغادر بخفي حنين، بعد أن سبنا جهارا.
الدرس الذي ينبغي استخلاصه من المشاركة في مونديال قطر وهو أن الإيمان بقدرات الطاقات الوطنية مخرج لكل المشاكل. فحينما تتوفر لها ظروف الاشتغال اللائقة، ولو في حدودها الدنيا، يكون التألق مضمونا، أما الباقي يأتي من تلقاء نفسه.
لا ينبغي أيضا ان نغفل تلك الصور الجميلة للاعبينا وهم يعانقون أمهاتهم ويقبلون رؤسهن بعد كل مباراة، مع ما يعنيه ذلك من شحن معنوياتهم بطاقة إيجابية لا تضاهيها أية طاقة أخرى. فثقافتنا كمغاربة ومخيالنا الشعبي يقرن دائما النجاح برضى الوالدين، وهو ما يتأكد في مونديال قطر. فبالإضافة إلى كوننا نتوفر على لاعبين موهوبين يمارسون في اكبر الأندية العالمية وأغلبهم مزداد بالبلدان الأوربية، فهم أيضا “بررة بوالديهم” ولم تتمكن النجومية من إنسائهم جدورهم وأصولهم.
هذه الملحمة التي تتكامل فيها المهارة الفنية، الانضباط التكتيكي، الجاهزية البدنية، روح المجموعة، حب الوطن ورضى الوالدين يمكنها أن تصنع المعجزات. كما ينبغي استنتاج ان التكتيك والتعويضات الخيالية والإقامات الفخمة وكل الإمكانات اللوجستية الباهضة الثمن لا تساوي أي شيء حينما تغيب الروح.
في رأيي، لدينا الآن منتخبا يمكنه أن يمضي بعيدا في كأس العالم الحالية وقادر على منحنا المزيد من الفرح، إن هو آمن بحظوظه وبقي مركزا في المنافسات. لهذا، فإن الاحتفالات داخل المجموعة ينبغي ان تنتهي مع منتصف الليل ليبدء الإعداد لمقابلة الدور الثمن يوم الثلاثاء القادم.
Yes, we can!