احتضنت كلية الحقوق أكدال لقاءً علميا، أول أمس، لتعميق البحث في موضوع قواعد النسب في التشريع المغربي، وذلك بحضور ثلة من الأكاديميين والخبراء من مختلف التخصصات،من تنظيم مركز “تناظر” للدراسات والأبحاث، في عنوان: “قواعد النسب في التشريع المغربي بين التطور العلمي والاجتهاد الفقهي والقضائي.”
و في تصريح لوسائل الإعلام التي حضرت حلقة النقاش ، قال الدكتور فؤاد مسرة، رئيس مركز تناظر للدراسات والأبحاث، أستاذ القانون الخاص بجامعة محمد الخامس، إن المغرب أمام نموذج جديد في إصلاح مدونة الأسرة، يقوده بكل تبصر عاهل البلاد، من شأنه إرساء اجتهاد جديد يجعل من المغرب نموذجا يحتذى به من طرف كل الدول الإسلامية، نموذج يقوم من جهة على توازن الأسرة واستمرارها وديمومتها وتماسك المجتمع، ومن جهة ثانية على النهوض بأوضاع المرأة وصيانة مصالح الأطفال وحفظ كرامة الرجل.
وأضاف الدكتور فؤاد مسرة، أنه بعد 19 سنة من التطبيق الفعلي لمقتضيات مدونة الأسرة، تجدد النقاش حول مقاصدها ومكامن قصورها، وما تواجهه من عوائق تحد من التطبيق السليم لمقتضياتها، وكثرت الأصوات المنادية بتحيينها، وتزايدت المقتضيات المراد مراجعتها، وتعزز كل ذلك بالخطاب الملكي السامي الملقى بمناسبة عيد العرش بتاريخ 31 يوليوز 2022، والذي خصص حيزا هاما منه لموضوع الأسرة.
وشدد الدكتور فؤاد مسرة على أن المدونة عملت على إدراج العديد من المستجدات الهامة وفي مقدمتها الخبرة “الطبية” لإثبات النسب أو لنفيه، التي تعتبر انفتاحا من المشرع على التطورات العلمية الجديدة، كما سمحت بإلحاق نسب الولد المزداد خلال فترة الخطبة بالخاطب للشبهة شريطة توفر شروط منصوص عليها في المادة 156 من مدونة الأسرة. وقد انعكس هذا الانفتاح، يضيف المتحدث، على الخبرة الطبية التي يقصد بها الخبرة الجينية أو البصمة الجينية، على الأحكام القضائية التي أضحت أكثر إعمالا للخبرة الطبية في قضايا النسب، ومع ذلك تطرح على القضاء إشكالات لا يتم فيها الحكم بإجراء خبرة طبية لإثبات أو لنفي النسب.
واعتبر، أن رابطة النسب من أبرز آثار الزواج وأهمها، بحيث إن ثبوت نسب كل فرد إلى أبيه من شأنه صيانة الأنساب من الاختلاط والأولاد من الضياع، ولذلك اهتمت الشريعة الإسلامية بإثبات النسب بشكل لا يوازيه من حيث المكانة إلا حرصها على عدم اختلاط الأنساب، ذلك أن النسب يعد أحد ضروريات ومقاصد الشريعة السمحاء.
وشدد على مركز تناظر للدراسات والأبحاث في سياق اشتغال على ملف مدونة الأسرة وحقوق الأطفال والتمكين المؤسساتي والقانوني والسياسي والاقتصادي للنساء، عقد العزم على تنظيم سلسلة من اللقاءات العلمية مساهمة منه في النقاش العمومي المجتمعي الدائر، وذلك وفق رؤية شمولية تقوم على ركائز أكاديمية رصينة تبتغي تحليل ما أفرزته تجربة تطبيق قواعد المدونة من ظواهر معاكسة لإرادة المشرع.