دعا المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى التفكير الجماعي وتعميق النقاش حول مجمل القضايا التي تشغل بال الطبقة العاملة، وصياغة الأجوبة الممكنة على مختلف التحديات والمهام التي يطرحها السياق العام الراهن، المطبوع، بحسبه، بالتعقيد على جميع الأصعدة، وذلك باستحضار الوضع الذاتي للمركزية النقابية التي تم تأسيسها لتكون في قلب القضايا العمالية ومجمل القضايا الوطنية والقومية والإنسانية، بمرجعية واضحة ومتميزة، على حد تعبيره.
واعتبر المكتب التنفيذي، في كلمة ألقاها، اليوم، باسمه أحمد السامري أمام المجلس الوطني بمناسبة انعقاده دورته، أن المغرب لازال لحد الساعة لم يستطع أن يتحرر من قيود التبعية الاقتصادية والسياسية، ولم يستطع إرساء دعائم الأمن الطاقي والغذائي والصحي، نتيجة ما وصفها ب”التبعية والاستبداد السياسي، وللاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدولة المغربية منذ الاستقلال إلى الآن”. مؤكدا أن كل مطالب الشعب المغربي المرتبطة باستكمال تحرير الأرض والإنسان والاقتصاد ما زالت تراوح مكانها.
وقال “السامري”، في كلمة المكتب التنفيذي، إن الواقع الاجتماعي المأزوم بالمغرب يتسم أساسا بارتفاع نسبة التضخم الى مستويات قياسية (4,7 بنك المغرب)، وارتفاع أسعار المواد والخدمات الأساسية، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات، وتزايد نسبة البطالة بين حملة الشواهد والسواعد، وتصاعد نسبة الفقر، وانحدار الطبقة الوسطى الى عتبة الفقر، وتردي الخدمات الصحية والتعليمية.
وأضاف المتحدث أن المغرب يعيش أزمة اجتماعية “خانقة”، نتج عنها احتقان اجتماعي قابل للانفجار في أية لحظة، مستنكرا إصرار الدولة ب”عناد غريب” على اختياراتها النيوليبرالية ومقارباتها التقليدية القاضية بالحفاظ على التوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية من جهة، ومن جهة أخرى، بالاحتكام إلى منطق الضبط الأمني على حساب منطق الحوار والبحث عن الحلول والبدائل الممكنة والأجوبة الملموسة على انتظارات وانشغالات المواطنين، على حد قوله.
واستنكر المكتب التنفيذي ما جاء في قانون المالية لهذه السنة، متهما الحكومة بالتقشف فيما يخص مطالب الطبقة العاملة والجماهير الشعبية، ومنطق السخاء فيما يخص قضايا ومطالب الرأسمال، وهو المنطق الذي يتعارض مع العدالة الجبائية والعدالة الاجتماعية ومع الدولة الاجتماعية المرفوعة كشعار للبرنامج الحكومي، مذكرا في هذا الإطار بالمحاولات التي قادتها “السيديتي” للتصدي لذلك المنطق مؤسساتيا ونضاليا.
وقال”إن من واجب الحكومة الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية إزاء الطبقة العاملة وعموم الأجراء، كما من واجبها التفكير في إجراءات للحفاظ على القدرة الشرائية لعموم المواطنات والمواطنين أمام الارتفاع المهول في الأسعار، كما من واجبها أيضا تفعيل مبدإ التضامن الوطني وإرساء أسس المقاولة المواطنة القادرة على الوفاء بالالتزامات الاجتماعية، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتضامن زمن الكوارث والأزمات”.
كما أشار إلى أن القضايا العالقة تطرح على الحركة النقابية عموما تحديات جسيمة تستوجب من الجميع صياغة الأجوبة النضالية، من خلال برنامج نضالي ممتد في الزمان، يتم اختيار محطاته بعناية وذكاء، مؤكدا على أن الفعل النضالي، لكي يكون مؤثرا وذا جدوى، يقتضي تـأهيل الذات فكريا وتنظيميا وجعلها قادرة على الفعل والمبادرة سواء بالاعتماد على الذات أو بتطوير أشكال من التنسيق مع القوى الديمقراطية والتقدمية، على قاعدة الانحياز والانتصار لقضايا الطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين.
وشدد المكتب التنفيذي على ضرورة العمل على تقوية التنظيمات القطاعية والترابية للنقابة، والعمل على تنشيط الحياة النقابية بكل أبعادها التأطيرية والتنظيمية والنضالية والتفاوضية، مع ترك الخلافات الذاتية والتناقضات الثانوية جانبا والتوجه إلى حل النزاعات الاجتماعية والدفاع عن قضايا الطبقة العاملة، داعيا إلى ترك نمط الاشتغال المناسباتي، سواء قطاعيا أو ترابيا، وتفعيل مبدإ التكامل بين القطاعي والترابي والمركزي، عبر تمتين العلاقة بين فروع النقابات الوطنية والاتحادات المحلية والإقليمية، والتوجه الى العمل وفق برنامج عمل محكم، واقعي، ومضبوط بالزمان والمكان، وقابل للقياس والتقييم، لأن مردودية العمل النقابي، يضيف المتحدث، تقاس بأثره على العمال والأجراء، وليس بعدد المعارك النضالية أو حجم وطبيعة القضايا التي يشتغل عليها.