رضا سكحال
في الوقت الذي يقضي فيه عشرات الأطفال رفقة أسرهم بشمال المغرب أوقاتا ممتعة، يضطر العديد من الأطفال الذين يعيشون واقعا يتصف بالهشاشة والفقر قضاء عطلتهم بشكل مختلف تماما عن الباقي، يلجون الشواطئ حفاة الأقدام، يمشون لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، يعرضون للمصطافين بعضا من منتوجاتهم (مياه معدنية، مناديل، سجائر، وبعض الحلويات…).
أما البعض الآخر فيختار الوقوف لوقت طويل أمام المقاهي التي تعج بالزوار، ينتظرون عطف أحدهم، لعله يشتري منهم علبة مناديل، أو يمنحهم بعض النقود، هو واقع مرير لطفولة بئيسة دفعها الإهمال الأسري وغياب آليات حقيقية من لدن الحكومة، إلى قضاء عطلة الصيف على هذا النحو.
تسائل هذه الظاهرة المنتشرة في كل من مرتيل، وطنجة، ومراكش، وغيرهم من المدن الكبرى بالمغرب، عن دور الحكومة المغربية، وعن دور المجتمع المدني، وعن الشعارات التي ترفعها الحكومة المغربية ويفندها الواقع المرير؟
ألا يستحق هؤلاء الأطفال أن يقضوا بدورهم وقتا ممتعا كغيرهم من الأطفال، خصوصا ونحن أمام حكومة وعدت الطبقات الهشة للشعب المغربي بالدولة الاجتماعية؟
من المسؤول عن الطفولة الضائعة التي يمثلها هؤلاء؟
أي تعويض هذا الذي سيمسح الألم من ذاكرة طفل في سن العاشرة من عمره يجول الشوارع بحثا عن مورد رزق؟
وفي مشهد وثقته المساء 24 بأحد الشواطئ شمال المغرب، يجلس طفل صغير في سن الحادية عشر من عمره، يتأمل البحر في حزن عميق، ينظر إلى الأطفال من حوله وهم يستمتعون بأجواء البحر، سرح في واقعه، أو ربما في أسئلة بريئة دقت خزان رأسه الصغير، ليجمع أغراضه وينسحب في بؤس، والحزن بدا واضحا على تقاسيم وجهه.
هي مشاهد متكررة ومتشابهة لأطفال الهامش، لأبناء الطبقات المسحوقة، أطفال ضحايا لذة عابرة لأباء غير مسؤولين، وجدوا أ نفسهم في بلد يوجد فيه أمثال رئيس البرلمان الذي يصف الشعب بالمريض، وحكومة ترفع شعارات لا تملك سبل تحقيقها، بل ربما لا تفهم منها غير الاسم، ووزيرة السياحة التي اختارت قضاء عطلتها السنوية بجزيرة زنجبار التنزانية، ويالها من صدفة عجيبة، كأنها “تطنز” علينا من قلب تانزانية.