بقلم: دو..حنان أتركين
حوار الحقد، ودق طبول الحرب، والعداء الذي لم يجد له الرئيس الجزائري مبررا موضوعيا، ماعدا تكرار خرافات “عقيدة” عسكرية، صممت هكذا…رد عليها المنتخب الوطني، في يوم رمضاني بديع، فقدم صورة المغرب التي تخيف أعداء وحدته الترابية…شعب محب للحياة، ومفعم بها، يعيش في سلام ووئام، ويديه ممدودة إلى محبي السلام وليس إلى تجار الأسلحة…شعب يحب وطنه، ويعشق رموزها، متناغم مع قيادته…
صورة البلد الآمن، الذي يحلم أن يكبر، وأن يتخلص من ربق الوصايات، وأن يقول كلمته ولو كلفته حصارا وقطيعة…الطامح إلى النمو، وإلى المدنية وإلى تمظهراتها…طنجة بالأمس، تزينت، لاستقبال كل المغاربة، وضيوفهم من أمريكا اللاتنية، في مشهد بديع…ملعب رائع، ونقل احترافي، وتيفو عالمي، ونظام في الولوج والمغادرة…ومع أني لا أحب المقارنات، لكن لا ضير أن تقارنوا مشهد الأمس، بمشاهد مباريات القوة العظمى التي تقترح نفسها للوساطة في صراع روسيا وأكرانيا…
على أرضية الملعب الخضراء، وقف الأسود، تلاحم بين مغاربة الداخل والخارج، وحدهم فخر الانتماء إلى الوطن، ومقاومة إغراء بلدان المهجر، مجسدين لوطنية جديدة، وطنية مبنية على الحب والانتماء لا على البغض والكراهية…فالمغرب لا يحتاج إلى “العداء” ليذكي وطنية متقدة أو مضمرة بين مواطنيه، ولا إلى مناهج دراسية تثير السخرية تعتدي، علميا، على التاريخ وشواهده، ولا إلى خرجات إعلامية للتذكير “بالنيف” الذي مع الأسف، مرغته فرنسا مرة أخرى بقرار عودة سفير “الحظيرة” دون اعتذار…
بتصريحه “باللاعودة” في العلاقات، اعتقد “تبون” أنه أصاب المغاربة في مقتل، وأنهم سيحملون أكفانهم معهم لأداء صلوات التراويح، لكن أجابوه، أنهم شعب يعيش الحياة، لثقتهم في جيشهم الملكي وبسالته، ولثقتهم في الجغرافية الجديدة التي تصنعها ديبلوماسية ملكهم، والتي جعلت المغرب، وليس “الحظيرة” بوابة التلاقي بين أوربا وأفريقيا، هذا التلاقي ليس كلاما مرسل، بل مسنود بشواهد لعل أقربها زمنيا ملف الترشيح المشترك بين المغرب، وإسبانيا والبرتغال، لتنظيم كأس العالم في نسخته لسنة 2030…
وبانتصار المغرب على البرازيل، صنف المغاربة أنفسهم مع الكبار، ويتوقون إلى منافسة الكبار، هذا كان دأبهم منذ أن أسسوا دولتهم، في وقت لم تكن “الحظيرة”، تذكر بعد إلى كإيالة تابعة لنقط في جغرافيا متحركة…فالمغاربة يبحثون عن مثال لهم في كل شيء، مثال يدفعهم إلى الأمام، إلى المستقبل، لأن ماضيهم خال من عُقد…لأن لديهم، تاريخ، ولديهم ذاكرة، ولديهم رموز ثقافية، وطبخ ولباس مميزين…لم يخلقوا بقرار، ولم ترأسهم شرذمة من المتهورين، ولم يستيقظوا فجأة ليبحثوا عن وجهة ذات اليمين وذات الشمال…
يريد “تبون”، والحاكمين الفعليين “للحظيرة”، أن يجروا بلادنا إلى المستنقع الذي يجيدون فيه اللعب، مستنقع الإشاعة، والكذب والمظلومية، والعنف، ومناصرة الحركات الإرهابية، ودفع مقدرات الشعب في مشاريع الوهم والعار…لكن، بلادنا ترفض ذلك، إنها تراهن على الاستثمار في الإنسان، وفي الوطن…وأن تخلق النموذج، القادم من الجنوب، نموذج قوة صاعدة، تزاحم الكبار، تتعامل بواقعية وبرغماتية في سياستها الخارجية، وتعيش زمنها وليس زمن الحرب الباردة بعقدها وأعطابها التاريخية…
*عضو لجنة الخارجية بمجلس النواب