بقلم: *ذ.رشيد آيت بلعربي*
أثار المقال الذي نشره موقع أشكاين حول لاعب المنتخب الوطني زكرياء أبوخلال ، موجة غضب عارمة لدى مختلف المتتبعين بالنظر لحجم المعطيات الخطيرة التي جاء بها. و ما كان لهذا المقال أن يلقى هذا الاهتمام لولا هاته المعطيات و تعلقها بشخص دخل قلوب المغاربة إلى جانب زملائه لاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم و الذين ساهموا في إسعاد مختلف أطياف الشعب المغربي لشهر كامل و جعلوه يتوقف عن التفكير في همومه و يتناسى آلامه طيلة هاته المدة.
كاتب المقال و في إطار حريته في التعبير و نقل الخبر اللذان يضمنهما له القانون، ألقى العنان لقلمه ليقوم بتوظيف وقائع بسيطة يعيشها الكثير من المواطنين المغاربة و ألبسها لبوس الإيديولوجية و الخطر الداعشي. فما هو البيت المغربي الذي يخلوا من الصلاة ؟ و ما هو البيت المغربي الذي يخلو من قراءة القرآن؟ و ما الخطر الذي يشكل اللاعب على أمننا القومي إذا سجد رفقة زملائه بعد تسجيل الهدف؟ و ما العيب في أن تكون زوجة اللاعب ترتدي النقاب؟ فهل الصلاة و قراءة القرآن أو السجود بمناسبة تسجيل هدف أسعد قلوب 40 مليون مغربي و معه العالم العربي و الإفريقي دليل قاطع على تبني خط إيديولوجي معين أو الانتماء لداعش؟ كنا سنحترم كاتب هذا المقال لو أتانا بأخبار و معطيات سرية غابت عنا لتنبيهنا إلى خطر الاختراق الداعشي للمنتخب الوطني. لكن أن يتم توظيف معطيات عامة و علنية لا يكاد يخلو بيت مغربي منها كل يوم فهذا تعسف في استعمال حرية الرأي و التعبير و نقل الخبر قد يترك أثرا نفسيا و ندوبا داخل قلب هذا اللاعب المتواضع الذي اخترق فكره و سلوكه المتواضع قلوب المغاربة حتى قبل انطلاق المونديال. و الجميع يتذكر كيف قام هذا الابن البار ببلده من جهة الأم ببناء ملعب لكرة القدم بكامل التجهيزات في منطقة مهمشة بالقرب من مدينة الدار البيضاء دون أن ينتظر مقابلا من أحد.فهل بهذا النوع من المقالات المسمومة نشجع أمثال زكرياء أبو خلال على الولاء لوطنهم؟
ألم يلاحظ كاتب هذا المقال المسموم بأن زكرياء أبو خلال كان يتجول بالقصر الملكي رفقة والدته منذ أربعة أيام فقط و استقبل إلى جانب الأبطال من طرف ملك البلاد و حصلوا جميعا على أوسمة ملكية كعربون محبة و عرفان و شكر على ما قدموه للمغاربة؟ ألم يلاحظ كاتب المقال أنه و في نفس المناسبة استقبل ملك البلاد والدة أحد اللاعبين و هي ترتدي النقاب بل تم تخييرها بأن تسلم على جلالته أو تكتفي بإلقاء التحية في حالة ما إذا كان لها أي إحراج في ذلك؟ ألم تلاحظ الأجهزة الأمنية السرية و العلنية أن أبوخلال يصلي و يقرأ القرآن و زوجته ترتدي النقاب؟ أم أنهم تغاضوا عن ذلك؟ أم أنهم أوكلوا مهمة مراقبة أمن البلاد لصحافي انحرف عن مهمته الحقيقية و تحول إلى مخبر تافه؟
فإذا كان الصحافي يتمتع بحرية الرأي و التعبير و نقل الخبر كحق دستوري، فإن لكل مغربي سواء كان مواطنا عاديا أو لاعبا للمنتخب المغربي الحق في حماية حياته الخاصة كما له الحق في ممارسة شؤونه الدينية بكل حرية. و ذلك يعني أنه لكل شخص ممارسة حياته الخاصة بحرية دون التعرض للآخرين. كما له الحق في بناء علاقته مع خالقه بناء معتقداته هو و ليس لأحد الحق في ممارسة الوصاية عليه. فهو يمثل المنتخب المغربي داخل الملعب و من حقنا محاسبته على خذلاننا في مباراة أو المساهمة في تبذير المال العام. لكنه لسوء حظ هذا الموقع الصحفي فقد أحسن بوخلال تمثيلنا لما سجل هدفا رائعا في مرمى أحسن حارس في العالم و على منتخب كان يصنف الثاني عالميا هو منتخب بلجيكا و كان هذا الهدف هو أهم خطوة نحو المجد المغربي الذي تحقق بعد ذلك. أما من الناحية المالية فقد ساهم إلى جانب زملائه في ضخ مبلغ 25 مليار في خزينة الدولة. بل إنه تنازل عن مكافآته إلى جانب عدد من زملائه للفئات المعوزة في هذا البلد. نعم إن هؤلاء قدموا لنا نماذج الرجال الوطنيين المثاليين و الأبرار و ليس نماذج طوطو و بطاطا التي تتغنى بها أبواق صحافة العار و تنظم لها ندوات صحافية بمئات الأبواق التافهة.
شكرا لك زكرياء بوخلال ، ستظل شامخا في عيوننا فقد رفعت رؤوسنا عاليا. و لك كامل الحق في حماية حياتك الخاصة و ممارسة شعائرك الدينية دون قيود.