المساء24
تعتبر رواية El ingenioso Hidalgo Don Quijote la Mancha للكاتب الإسباني ميغيل دي سيرفانتيس (1547-1617) إحدى روائع الأدب العالمي، إذ شكلت منعطفا قويا في تاريخ الرواية العالمية، من حيث تعتبر تأسيسا للرواية الحديثة، بعدما ادمجت العمق السيكولوجي للشخصيات، واستخدمت وجهات نظر متعددة، وأسلوب تأليف فريد اعتمد على الميتاحكي (كتب داخل كتب، مؤلفون خياليون)، مستبقًا بذلك تقنيات السرد النموذجية للرواية الحديثة.
في البداية كانت هذه الرواية العظيمة مجرد محاكاة ساخرة من روايات الفروسية المنتشرة بقوة في ذلك الوقت، لكنه انتهى بها الأمر إلى تأمل عميق في الواقع والخيال. يُظهر ثيربانتس كيف يمكن للمثالية المبالغ فيها أن تتعارض مع الواقع القاسي، وكيف يمكن للخيال أن يُضفي معنى على الحياة.
إن عمق الشخصية الرئيسية للرواية الرجل العبقري “دون كيخوتي إبن لامانشا” أسال مداد الكثير من التقاد الأدبيين الذين تناولوها من زوايا متعددة ومتنوعة. أما القراء البسطاء فجلهم يجمع على جنون الرجل، الذي صار مثالا للمجنون النبيل.
مؤخرا وقعت عيناي على مقال شيق باللغة الإسبانية للكاتب الأرجنتيني خوليو سيزار شافيس، الذي يحلل فيه شخصية دون كيخوتي من زاوية علم النفساني، فقررت ترجمته الى العربية بالاستعانة بتطبيق Google traduction. وإليكم النص المترجم بعد التدقيق.
“لم يكن دون كيخوتي مجنونًا، بل كان جنونه طريقةً مختلفةً لفهم العالم. فبينما استسلم الآخرون للروتين والعبث، قرر هو أن يرى عمالقةً حيث لا يوجد سوى طواحين هواء. في هذا التفسير الشعري للعالم، تنكشف حقيقةٌ لا جدال فيها: العقل البشري، عندما يجفّ الواقع، يُحوّل الألم إلى معنى.
يُدرك الطب النفسي الحديث هذه الظاهرة. كتب فيكتور فرانكل، الطبيب النفسي والناجي من معسكرات الاعتقال النازية: “عندما نعجز عن تغيير وضعٍ ما، نصير أمام تحد لتغيير أنفسنا”. وهذا ما فعله دون كيخوتي تمامًا. غيّر إدراكه ليتجاوز الفراغ الوجودي. لم تكن قراءاته لقصص الفروسية هروبًا، بل مسعىً روحيًا، مسعى رجلٍ لم يحتمل رتابة عصره، فابتكر لنفسه غايةً. سانشو بانزا، رفيقه الذي لا ينفصل عنه، هو النقيض. إنه يمثل الحس السليم، والأرض، والجسد. أما دون كيخوتي، فيرمز إلى الروح التي تسمو فوق الحياة اليومية. بينهما تتكشف الثنائية التي تسكننا: الحلم والعقل، والإيمان والشك، والمثالية والحد. وهذا التوتر هو ما يبقينا على قيد الحياة.
قال الطبيب النفسي كارل يونغ: “العصاب هو معاناة روح لم تكتشف معناها بعد”. ليس “جنون” دون كيخوتي هذيانًا سريريًا، بل استعارة للروح التي تبحث عن معنى في عالم قاسٍ.
هذيانه لا يجعله مريضًا؛ بل يقويه. كل ضربة يتلقاها، وكل سخرية يتحملها، وكل سقوط في طاحونة الهواء درس في مرونة الروح البشرية.
عندما يحيط بنا الضيق، يخلق العقل خيالات لمقاومتها؛ إنه دفاع، ولكنه أيضًا أمل. يحوّل دون كيخوتي اليأس إلى مغامرة، والفشل إلى مجد. جنونه لا يدمره؛ إنه يُكرمه، ويُعيد تعريفه. في هذيانه، ثمة صفاء ذهني يفتقد إليه من كانوا يصفونه بالجنون.
كما كتب إريك فروم، وهو طبيب نفسي إنساني آخر: “يبدو الرجل العاقل، في مجتمع مريض، مجنونًا”. ولعل هذا ما أراد دون كيخوتي إخبارنا به؛ لقد جاء ليخبرنا أن العقلانية الحقيقية تكمن في الاستمرار في الحلم، حتى عندما يتوقف العالم عن الإيمان. فعلا لقد كانت، في النهاية طواحين الهواء عمالقة. ما حدث هو أن الآخرون توقفوا عن رؤيتها.”
✍️ خوليو سيزار تشافيس
✍️ ترجمة Google traduction
✍️ تقديم وتدقيق: منعم أولاد عبد الكريم



































































