سلط تقرير حديث لصحيفة “ذا غارديان” البريطانية، أمس الجمعة، الضوء على ظروف العمل غير الإنسانية لعمال في مزارع الفراولة الإسبانية، سواء فيما يتعلق بالأجور المنخفضة، أو الاستغلال والأوضاع الصعبة التي يكابدها العمال، حسب ماذكرته صحيفة العربي الجديد.
وأكد 10 عمال حاليين و2 سابقين التقت بهم “ذا غارديان” بأنهم يعملون لساعات طويلة، ويتقاضون أجراً أقل مما هو معمول به قانونياً في مزارع الفراولة الإسبانية في منطقة Huelva، كما تم احتجاز أوراقهم وجوازات سفرهم بهدف إجبارهم على العمل لساعات طويلة في مزارع الفراولة الإسبانية.
وتعد إسبانيا من الدول الأولى في زراعة وتصدير الفراولة، وتوفر منطقة Huelva نحو 80 في المائة من المحصول سنوياً، وهو ما يتطلب عمالاً على مدار العام، يقومون بالمهمة المتكررة، وهي زراعة الشتلات ثم الحصاد عندما تكون جاهزة. وتقع هذه الوظيفة عادة على عاتق المهاجرين، وكثير منهم من أفريقيا، ويعيش معظم هؤلاء في ظروف صعبة مع مشغليهم.
ويعيش آلاف العمال بالقرب من الأنفاق المتعددة التي تزرع فيها الفراولة في أكواخ مرصوفة بالحصى من الخردة والأغطية البلاستيكية التي تتغذى من الخيام الزراعية، بدون صرف صحي أو مياه جارية أو كهرباء. وتشمل القوى العاملة أولئك الذين هم جزء من برنامج ثنائي أطلقته إسبانيا والمغرب في عام 2001، والذي يجلب آلاف المغاربة إلى المنطقة لمدة تصل إلى تسعة أشهر في السنة للعمل في حصاد الفراولة.
وبحسب صحيفة La Vanguardia الإسبانية، يصل عدد العمال الموسميين المتعاقدين من المغرب إلى إسبانيا إلى أكثر من 15 ألف عامل. في عام 2019، استقبلت إسبانيا حوالي 20 ألف امرأة مغربية للعمل في مزارع الفراولة في هويلفا. وانخفض العدد في العام 2020، إلى 12000 عامل. كما تسبب إغلاق الحدود المغربية بسبب جائحة كورونا في تقلص عدد العمال.
على الرغم من تقارير سابقة سلطت الضوء على العنف الجنسي وإساءة المعاملة، إلا أن المسؤولين الإسبان في سبتمبر الماضي كشفوا عن نيتهم توسيع برنامج العمالية لجلب ما يصل إلى 15.350 عاملاً مؤقتا إلى هويلفا هذا العام، بزيادة قدرها 5000 شخص عن العام الماضي.
حيث ذكرت صحيفة “ذا غارديان”، استناداً إلى تقرير جديد صادر عن منظمة المستهلك الأخلاقي، أن بعض العمال منعوا من استخدام المرحاض ، وحجزت جوازات سفرهم أو أجورهم لإبقائهم يعملون ، وهو ما أكدته ياسمين أوينز ، أحد مؤلفي التقرير، مضيفة :” إنها ليست المزرعة الوحيدة التي يعاني فيها العمال من سوء المعاملة ، إنها ظاهرة منتشرة في جميع أنحاء مناطق التصدير الرئيسية”.
سمية أم تركت ابنتيها في المغرب وبدأت العمل الموسمي في زراعة وحصاد الفراولة في منطقة موغير منذ أكثر من 14 عاماً، تقول لصحيفة “ذا غارديان”: أعمل طوال الشهر، لكنني أتقاضى مقابل 16 يوماً، حريتي مقيدة، لا يمكنني التجوال خارج مكان الإقامة بعد العاشرة ليلاً، إذ يرفض أصحاب المزارع التجوال والسهر، لأن ذلك يؤثر على إنتاجية عملي”.
ولا يسمح لسمية بالبحث عن أي عمل آخر، نظراً لأن المخطط الحكومي يربط العامل تعاقدياً بصاحب العمل، ويتطلب إذناً من المسؤولين لتغيير الوظائف، وهو ما يدخل في إطار العمل الجبري.
وتعاني النساء تحديداً من قساوة العمل، وهن الأكثر تأثراً بالظروف الصعبة، إذ عادة لا يستطعن الإبلاغ عن سوء المعاملة، والنتيجة أنهن معرضات بشدة للاستغلال وأقل عرضة للإبلاغ عن المواقف المسيئة.
وقد تناول تقرير استقصائي نشر في موقع info migrants بالتعاون مع شبكة “دوتشيه فيله” الألمانية، ما يحصل في مزارع الفراولة الإسبانية، واصفاً الأمر بالأزمة الإنسانية. ووفق التقرير، فقد أنجبت العديد من النساء خلال إقامتهن في إسبانيا، وكن يعملن حتى اليوم السابق من ولادتهن، حتى أن بعضهن جاءهن المخاض أثناء العمل.
ويؤكد خوسيه أنطونيو برازو، من نقابة عمال المزارع المحلية في إسبانيا، هذه الظروف، مشيرا إلى أن هناك محاولات عديدة لحماية العمال، و”بعض الشركات التزمت بالأجور القانونية تقريباً (51 يورو في اليوم)، في حين أن شركات أخرى لاتزال ترفض الالتزام”.
وفي بيان لصحيفة ّذا غارديان”، قالت وزارة العمل الإسبانية إنها “ملتزمة تماماً” بحل المشكلة، مضيفة أنها على اتصال دائم بنقابات العمال و”المجموعات المتضررة” الأخرى في القطاع.
من جهتها، نفت Interfresa، وهي جمعية تجارية تمثل 1300 منتج في صناعة الفراولة في البلاد، وجود أي دليل على ممارسات غير لائقة من قبل أصحاب العمل، وأضافت أن “الشركات مطالبة بالامتثال للقانون، ولا يمكن دفع أجر أقل من الحد الأدنى للأجور للعمال”.
وبشأن التعاقد مع عمال مؤقتين من المغرب، لفتت إلى أن “العمل الزراعي يتطلب عمالاً بمستوى لياقة معين للقيام بمهام تتعلق بالحصاد. وهذا بالتحديد هو السبب في أن النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 25 و45 عاما يتم استقدامهن بشكل شائع”.