من الأستاذ رشيد أيت بلعربي، محام وعضو مجلس هيئة المحامين بالقنيطرة
إلى السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية:
المحامون و المحاميات واعون بواجباتهم تجاه القانون ، فهل أنتم واعون بواجباتكم؟
في كلمته بمناسبة افتتاح مؤتمر جمعية هيئات المحامين بالمغرب، و بالنظر لما تعيشه العدالة هاته الأيام نتيجة توقف المحامين و المحاميات بمختلف هيئات المحامين بالمغرب عن العمل بالمحاكم، بعد الهجمة الشرسة التي تعرضوا لها من طرف وزارة العدل و وزارة المالية من خلال محاولة فرض ضرائب مجحفة لا تراعي أبسط قواعد العدالة الجبائية و لا خصوصيات مهنة المحاماة، ارتأى السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن يثير زوبعة في صلب كلمته بتذكيره للمحامين ببعض الالتزامات و الواجبات المفروضة عليهم بمقتضى القانون و خاصة المادتين الثالثة و التاسعة و الثلاثين من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
-السيد الرئيس المنتدب، دعونا نذكركم بأنكم ضيف كبير على مؤتمر جمعية هيئات المحامين بالمغرب، و قواعد الضيافة تقتضي منكم أن تحترموا مضيفيكم، لا أن تتجاوزوا حدود اللياقة و تلقوا عليهم خطبا تذكرونهم فيها ببعض قواعد المهنة. فأنتم تخاطبون نقباء و قيادمة منهم من قضى 50 سنة يمارس مهنة المحاماة. فهم يعلمون واجبات المحامي و لا ينتظرون من ضيف أن يذكرهم بذلك.
– السيد الرئيس المنتدب، نعلم أنكم تمثلون السلطة القضائية كضلع من أضلاع الدولة الثلاث إلى جانب السلطة التشريعية و التنفيذية. و أنت تعلمون بأن السلطة التنفيذية جارت على المحامين من خلال شن هجمات متتالية عن طريق محاولة فرض قوانين مجحفة في حقهم. و في إطار تعاون سلطات الدولة الثلاث، و ما دمتم تقرون بمعاناة العدالة المغربية نتيجة توقف المحامين عن العمل ، فإنه كان بإمكانكم أن تسألوا السلطة التنفيذية سواء في شخص رئيسها أو في شخص وزير العدل عن الأسباب و الدوافع و التدخل من أجل إيجاد حلول لهاته الوضعية التي لا يرضاها أحد.
– السيد الرئيس المنتدب، و عودة للمواد 3 و 39 و غيرها من قانون المهنة التي أردتم تذكيرنا بها، دعونا نقول لكم بأننا نعرف محتواهما جيدا. نعلم أن المحامي ملزم بالتقيد خلال سلوكه المهني بمبادئ التجرد و الاستقلال و النزاهة و الكرامة و الشرف و ما تقتضيه الأخلاق الحميدة و أعراف المهنة و تقاليدها. و لهذا نقول لكم شكرا على إيمانكم و اقتناعكم بقيمة و مكانة هاته القيم لدى المحامي. فاطمئنوا.إن ما نقوم به هو معركة مفتوحة و مستمرة من أجل شرفنا و كرامتنا و استقلالية مهنتنا و لا يمكننا أن نخضع أو نركع أو نقبل إهانة أحد.
كما نعلم بمقتضيات المادة 39 من قانون المهنة. لكن دعونا نذكركم السيد الرئيس المنتدب ، أننا كمحامين و في ظل العهد الذي نعيشه ، لن نقبل في سنة 2022 و لو كان السيف مسلطا على رقابنا أن نخصع لنص تعود جذوره إلى الحقبة الاستعمارية عندما كان الكل ممنوعا من الكلام حتى لو كان هذا النص موجودا في قانون مهنتنا ، نص يتعارض مع أبسط المبادئ الدستورية ألا و هي الحق في التعبير و الحق في الإضراب عن العمل. إننا مضربون عن العمل دفاعا عن كرامة المحامي و استقلالية و خصوصية مهنة المحاماة التي تريد بعض الأطراف في الدولة إفراغها من حمولتها الإنسانية و الحقوقية. و ها أنتم السيد الرئيس المنتدب و عوض التزام الحياد و واجب التحفظ الذي تكمم- بتشديد و فتح الميم الأولى- به أفواه القضاة المغاربة الأحرار ، جئتم إلى مؤتمرنا و في بيتنا لتلوحوا لنا فيما يشبه التهديد بنصوص بائدة مخاطبين نقباء أجلاء و قيادمة و شباب أتوا إلى مدينة الداخلة رغم البعد و من كل فج عميق للتعبير عن حبهم لوطنهم بقدر حبهم لمهنتهم. فلتتأكدوا السيد الرئيس المنتدب أننا لن نتراجع خطوة واحدة للوراء إذا مست كرامتنا من أي كان.
– السيد الرئيس المنتدب، فلتسمحوا لنا بعدما ذكرتمونا ببعض واجباتنا، أن نذكركم في إطار المعاملة بالمثل ببعض واجباتكم و بصفتكم الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن أولى المهام الجسام الموكولة لهاته المؤسسة هي ضمان استقلال القضاء. لكنكم ، السيد الرئيس المنتدب أصبحتم بتصريحكم اليوم تشكلون خطرا على هذا الاستقلال. فبعدما وقعتم في نهاية السنة الماضية الدورية الثلاثية المشؤومة القاضية بمنع المحامين من ولوج المحاكم إلا بعد الإدلاء بجواز التلقيح و ما تلاها من قيل وقال حول اختصاصكم و حول أثر إصداركم لها على استقلال القضاة خلال البت في القضايا المحتمل عرضها عليهم بمناسبة خرقها ، و بعدما وجهتم كتابا إلى رؤساء أقسام قضاء الأسرة تقدمون فيه التعليمات للقضاة حول كيفية معالجة بعض القضايا المعروضة عليهم ، ها أنتم اليوم تطلون علينا من مدينة الداخلة قلب الصحراء المغربية العزيزة على قلوبنا ، ضاربين كل قواعد اللباقة و اللياقة خارقين واجب التحفظ كرئيس منتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية لتذكروننا بواجباتنا ، مهددين استقلال القضاء بشكل فاضح. فماذا لو وجد محام نفسه غدا متابعا بخرق المادة 3 و 39 من قانون المهنة بسبب هذا التوقف عن العمل. ألا يعتبر تصريحكم هذا تأثيرا على استقلال القاضي الذي سيبت في ملفه؟ فهل جاء دستور 2011 بمؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية لضمان استقلال القاضي أم للتأثير عليه؟
عودوا إلى رشدكم السيد الرئيس المنتدب، و اعلموا ان المحامين ليسوا خصوما لأحد، بل هم حاملو رسالة نبيلة للدفاع عن الحقوق و الحريات.