*رشيد آيت بلعربي*
إن رفض المحامين لبعض مقتضيات مشروع قانون المالية لسنة 2023 ليس دفاعا عن أنفسهم فقط ، بل دفاعا عن المواطنين المغاربة الذين يلجؤون للقضاء سواء كمدعين أو مدعى عليهم ، ضحايا أو متهمين.
و لعل أخطر مقتضى يمس هؤلاء المواطنين هو رفع الضريبة عل القيمة المضافة من 10 إلى 20 في المائة من الأتعاب التي يتقاضاها المحامي. أي أنه إذا اتفق المحامي مع موكله على أتعاب قدرها 5000 درهم، فإنه يتعين على الموكل دفع مبلغ 1000 درهم إضافية كضريبة على القيمة المضافة تؤدى لإدارة الضرائب لقاء الخدمات القانونية التي يستفيذ منها هذا المواطن. و لا فرق في ذلك بين موكل و آخر ، أي أنه سيؤديها الجميع دون استثناء سواء كانت زوجة معنفة أو طالبة الرجوع إلى بيت الزوجية أو طالبة التطليق أو طالبة النفقة أو الزوجة المهملة، أو أجير مطرود تعسفيا من العمل، أو أجير ضحية حادثة شغل، أو ضحية حادثة سير، أو ضحية اغتصاب أو هتك عرض، أو ذوي حقوق شخص مقتول. الكل يجب أن يؤدي ضريبة عن الخدمات التي قدمها له المحامي لكن الدولة ستتقاضى عنها 20 في المائة من أتعاب هذا المحامي. و الأكثر من ذلك أن هناك قضايا كثيرة و نظرا لخصوصيتها بسبب طبيعتها أو وضعية الموكل فيها ، كان المحامون ينوبون فيها تطوعا و بشكل مجاني. لكن مع مشروع قانون المالية الجديد، فإنه لا مجال للتطوع أو المجانية أو مراعاة الوضعية الاجتماعية أو الإنسانية للقضية مادام المحامي ملزم بأداء ضريبة مسبقة على الدخل بمجرد تسجيل نيابته في الملف و التصريح بأتعابه داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر مع ما يقتضيه من أداء الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 20 من الأتعاب. فهل هذه هي مجانية الحق في التقاضي كمبدأ حقوقي عالمي؟ فمن يدافع عن جيوب المواطنين المغاربة ضد هذا التغول الذي تنتهجه الدولة في العديد من المجالات؟ أين هي جمعيات المجتمع المدني و جمعيات حماية المستهلك؟ أين هي الأحزاب و النقابات؟ أين المنتخبون و النواب البرلمانيون؟ أين هم المواطنون أنفسهم مما يحاك ضدهم؟
أتمنى أن يستفيق الجميع قبل فوات الأوان.
*محامي بهيئة القنيطرة