غضب ساكنة “علال التازي” و”بنمنصور” من توقيف خدمات حافلات “فوغال”

المساء24 ـ محمد لعريشي

تفاجأت ساكنة جماعتي سيدي علال التازي وبنمنصور، وللمرة الثانية خلال فترة وجيزة، بقرار توقيف خدمات خط النقل الحضري رقم 34، التابع لشركة “فوغال بيس”، وهو الإجراء الذي خلّف موجة استياء واسعة في صفوف المواطنين، بالنظر لما يُمثّله هذا الخط من أهمية استراتيجية في ربط الساكنة بمراكز العمل والدراسة والعلاج، لا سيما في ظل غياب وسائل نقل كافية وملائمة وارتفاع كلفة النقل الخصوصي.

ويُعدّ الخط رقم 34 أحد المرتكزات الأساسية التي يعتمد عليها مئات المواطنين يوميًا، خاصة التلاميذ والطلبة والموظفين وكبار السن وسكان الدواوير والتعاونيات الفلاحية. ويُوفر هذا الخط خدمة نقل منتظمة وبتكلفة مناسبة تُراعي الوضعية الاجتماعية للفئات الهشة. وعليه، فإن توقيفه المفاجئ، ودون إشعار مسبق أو توفير حلول انتقالية، يُشكّل مسًّا مباشرًا بالحق الدستوري في التنقل، الذي يُعتبر من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية المكفولة بموجب الفصل 31 من الدستور المغربي.

ووفق ما ورد من معطيات محلية، فإن خلفيات هذا التوقيف تعود، بحسب مصادر من الشارع المحلي، إلى ضغوط مارستها بعض هيئات مهنيي سيارات الأجرة بجماعة سيدي علال التازي، الذين عبّروا عن رفضهم لاستمرار تشغيل الخط، لما له من أثر – بحسب تعبيرهم – على مصالحهم التجارية. ورغم عدم صدور بلاغ رسمي بهذا الخصوص، إلا أن سياق التوقيت ومفاجئة القرار عمّقا الإحساس لدى المواطنين بأن هذا الإجراء تم تحت ضغط مصالح فئوية ضيّقة، دون مراعاة للمصلحة العامة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التوقيف يمسّ بوضوح بمبدأ استمرارية المرفق العمومي، المنصوص عليه قانونًا، وبخاصة في القانون التنظيمي للجماعات الترابية، وكذا في دفاتر التحملات المنظمة لعقود التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري. كما أن الخط رقم 34 ورد في الاتفاقيات الرسمية كأداة وصل إستراتيجية بين القنيطرة ومجموعة من الجماعات القروية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، في أفق تعزيز العدالة المجالية وتقليص الفوارق الترابية.

وقد ساهم هذا الوضع في تأجيج حراك مدني محلي، تُوّج بإصدار فعاليات جمعوية وهيئات من المجتمع المدني بيانات استنكار رسمية عبّرت فيها عن رفضها لقرار التوقيف، داعية إلى فتح تحقيق إداري شفاف لتحديد المسؤوليات المؤسساتية، ومطالِبة في الآن ذاته باحترام مضامين الاتفاقيات المبرمة، والتي تُلزم الأطراف كافة بضمان استمرارية الخدمة في حدود ما تم التعاقد عليه.

وفي خطوة تصعيدية ذات طابع نضالي حضاري، أفادت مصادر جمعوية مطلعة أن عددًا من الجمعيات المحلية بصدد التنسيق لتنظيم مسيرة احتجاجية سلمية نحو العاصمة الرباط، في تعبير سلمي عن الاستياء الشعبي الواسع، وعن الوعي الحقوقي المتزايد بضرورة الدفاع عن الحق في النقل العمومي كحق مدني لا يقبل التأجيل ولا التفاوض، وقد شُبّه هذا التحرك من قبل البعض بمسيرة “بوكماز”، لما يحمله من رمزية نضالية حضارية.

وأمام هذا الوضع، تتجدد المطالب الموجهة إلى السلطات الإقليمية، وفي مقدمتها السيد عامل إقليم القنيطرة، من أجل التدخل العاجل لتفعيل آليات الرقابة الإدارية على تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بقطاع النقل، وضمان تقيد الشركة المفوضة “فوغال بيس” بالتزاماتها، فضلًا عن فتح مساطر المساءلة المؤسساتية في وجه كل من ثبت تسببه في تعطيل هذا المرفق العمومي الحيوي خارج نطاق المشروعية الإدارية والتعاقدية.

وبذلك، فإن توقيف خط فوغال رقم 34 للمرة الثانية لا يمكن اعتباره مجرد إشكال تقني أو مهني ظرفي، بل هو اختبار حقيقي لمدى التزام الفاعلين العموميين والمؤسسات المفوضة باحترام قواعد التدبير الرشيد والعدالة المجالية، وضمان مبدأ الاستمرارية في تقديم الخدمات العمومية الأساسية.

وفي انتظار رد رسمي واضح من الجهات الوصية، يظل مطلب الساكنة والمجتمع المدني واضحًا ومشروعًا:
إعادة تشغيل الخط فورًا، احترام الالتزامات التعاقدية، وتوسيع التغطية نحو المناطق المهمشة، بدل تكريس العزلة وتعميق التمييز الترابي.