في وقت يخطط فيه الاتحاد الأوروبي لحظر مبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2035، واستبدالها بالمركبات الكهربائية ،ظهرت عقبة كبيرة في الأفق قد تحول دون تحقيق هذا الهدف المنشود.
فقد نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية،الأحد المنصرم ، تقريرا أشارت فيه إلى أن النقص المستمر في معدن مهم يعتبر المكون الرئيس لبطاريات السيارات الكهربائية وهو “الليثيوم”، قد يشكل تهديدا لخطط التحول المرتقبة للسيارات العادية التي تسير بالوقود إلى تلك التي تعتمد على البطاريات (الكهربائية).
ونقلت الصحيفة عن الهيئة المستقلة للمعادن الثمينة -التي تتخذ من لندن مقرا لها- أن خطط الاتحاد الأوروبي للتحول للمركبات الكهربائية بحلول العام 2035، يعني أن الطلب على الليثيوم سيرتفع إلى 550 ألف طن سنويا بحلول العام 2030، أي أكثر من الـ 200 ألف طن، التي تستطيع أن تنتجها الدول الأوروبية.
وقالت ديزي جينينغز جراي المحللة بالهيئة ذاتها: إن “السوق العالمي بأسره سيواجه عجزا بنهاية العقد (الحالي)”، وأضافت أنه “من المحتمل أن تكون أوروبا في موقف صعب من حيث الوفرة، ولا يمكنها تحمل أي تأخير في المشاريع المحلية لاستخراج الليثيوم”.
من جانبها، سلطت شركة “ألبيمارل”، أكبر منتج لليثيوم في العالم، والتي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، الضوء على مشكلة إمدادات الليثيوم هذه، مقللة من خطط استخراج الليثيوم في أوروبا بعد فشلها في العثور على موقع ذي جدوى تجارية هناك.
وقال سكوت توزير المدير المالي للشركة: “الموارد في أوروبا ليست عالية الجودة وصغيرة نسبيا”.
وأشارت الصحيفة إلى أن أوروبا لا تنتج حاليا أي مواد كيميائية من نوع ليثيوم للبطاريات، حيث يأتي 44 بالمائة من الإمدادات العالمية من الصين، مشددة أنه بدون إمدادات محلية قد تجد شركات السيارات الأوروبية صعوبة في التنافس مع الصين، التي تعمل على توسيع صناعة السيارات الكهربائية بسرعة، وتشق طريقها إلى السوق الأوروبية في ظل هيمنة الصين على 60 بالمئة من إنتاج الليثيوم اللازم لصناعة بطاريات السيارات.
وقال فرانسيس ويدين الرئيس التنفيذي لشركة “فولكان إنرجي ريسورسز” الأسترالية، إحدى الشركات القليلة التي تحاول استخراج الليثيوم في أوروبا: إن صناعة السيارات في المنطقة لن تكون قادرة على تزويد أسطولها المستقبلي بالكهرباء بدون الليثيوم.
وأضاف أن الصين “ستعطي الأولوية لصناعتها”، مشيرا إلى أنه بدون وصول شركات صناعة السيارات الأوروبية إلى الليثيوم، فإنها لن تتمكن من منافسة الصين.
ورأت الصحيفة أنه على الرغم من أن شركة “ألبيمارل” والتي تزود العالم بـ 20 بالمئة من احتياجاته من الليثيوم، تخطط لبناء منشأة أوروبية للمعدن بحلول نهاية العقد، فإن شركات صناعة السيارات بحاجة إلى إيجاد بدائل في الوقت الراهن.
واختتمت فايننشال تايمز تقريرها بتصريح لكيفين مورفي، أحد المحللين المختصين، أكد فيه أنه “على المدى القريب ستعتمد أوروبا بشكل كبير على الموارد الخارجية لتزويد صناعتها”.
ومنحت دول الاتحاد الأوروبي موافقة نهائية، نهاية الشهر الماضي، على حظر مبيعات السيارات الجديدة العاملة بالوقود الأحفوري اعتبارا من العام 2035.
والاتفاق التاريخي على حظر مبيعات السيارات الجديدة العاملة بالوقود الأحفوري اعتبارا من العام 2035 يكتسي أهمية كبرى على صعيد خطة الاتحاد الرائدة للتحول إلى اقتصاد “محايد مناخيا” بحلول العام 2050، مع انعدام انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
قنا