المساء24 ـ برعلا زكريا
“في غياب الطعام، لا توجد أخلاق. فقط الجوع.” هكذا لخص الفيلسوف الفرنسي “جون بول سارتر” الحقيقة القاسية التي تواجه البشرية في أحلك لحظاتها.
كلمات تختصر قصة الإنسان حين يصل إلى حافة البقاء، حين تتلاشى كل القيم والمعتقدات أمام صرخات المعدة الفارغة.
التاريخ البشري مليء بشهادات مروعة عن المجاعات التي دفعت البشر إلى أقصى حدود الإنسانية وما بعدها. في حصار لينينغراد (1941-1944)، وثقت السجلات السوفيتية أكثر من ألفي حالة لأكل لحوم البشر.
عزيزي القارئ، لك أن تتخيل أما تنظر إلى جثة جارتها المتوفاة وتفكر فيها كمصدر للغذاء؟ أو أبا يحاول إخفاء دموعه وهو يقطع أجزاء من جثة شخص ميت ليطعم أطفاله الذين لم يذوقوا طعم الخبز منذ أسابيع؟
وخلال المجاعة الصينية الكبرى، سجلت التقارير الرسمية التي كشفت لاحقا حالات من القرى النائية حيث تبادل الآباء واﻷمهات أطفالهم للأكل !
واليوم، على بعد ساعات قليلة بالطائرة من عواصم العالم المترفة، تتكرر الكارثة نفسها في قطاع غزة. لكن هذه المرة، المجاعة ليست نتيجة كارثة طبيعية، بل هي سلاح حرب منهجي ومتعمد. منذ أكثر من نصف عام، والاحتلال الإسرائيلي يمنع وصول الغذاء والماء والدواء إلى مليوني إنسان محاصرين.