بحلول شهر التوعية ضد التوتر في أبريل، نُدرك أنّ ثمة الكثير من الأمور التي تثير التوتر، مثل إطلاق النار الجماعي، والحروب المندلعة في أنحاء العالم، وآثار الجائحة طويلة المدى، والضغوط اليومية للعيش والعمل في القرن الحادي والعشرين.
ويعاني الجميع من الشعور بالتوتر في مراحل مختلفة من حياتهم. لكن متى يُصبح التوتر مشكلة تتطلّب اهتمامنا؟ وما هي الأعراض التي يجب أن يبحث عنها الناس؟ وما هي الآثار الصحية طويلة الأمد للتوتر؟ وما هي آليات التأقلم الصحية وغير الصحية؟ وما هي التقنيات التي يمكن أن تساعد في معالجة التوتر والحد منه؟
وتجيب المحللة الطبية لدى CNN الدكتورة لينا وين على هذه الأسئلة. ووين هي أيضًا طبيبة طوارئ، وأستاذة السياسة الصحية والإدارة بكلية معهد ميلكن للصحة العامة في جامعة جورج واشنطن. كما عملت سابقًا كمفوضة للصحة ومن ثم رئيسة لنظم الصحة السلوكية في بالتيمور.
لنبدأ بالسؤال الأساسي. ما هو التوتر تحديدًا؟
الدكتورة لينا وين: لا يوجد تعريف واحد للتوتر. وتحدّده منظمة الصحة العالمية بأنّه حالة من القلق أو التوتر ناتجة عن موقف صعب. ويعاني الكثيرون من التوتر كضغط نفسي أو عاطفي. ويختبر آخرون مظاهر جسدية للتوتر.
والتوتر ردة فعل طبيعية، وبمثابة استجابة بشرية تساعدنا على التعامل مع التحديات والتهديدات المتصوّرة. وقد يكون بعض التوتر صحيًا إذ يدفعنا إلى الإيفاء بالالتزامات. وقد يدفعنا الإجهاد المتصور مثلًا إلى الدراسة من أجل اختبار أو إنجاز مشروع ما قبل الموعد النهائي. وفي الواقع، كل شخص يعاني من هذا النوع من الإجهاد إلى حد ما.
لماذا يمكن أن يشكل التوتر مشكلة؟
وين: الاستجابة البشرية عينها التي تحفزنا على العمل الجاد وإنهاء مشروع ما، يمكن أن تؤدي أيضًا إلى مشاعر أخرى، مثل عدم القدرة على الاسترخاء، والانفعال، والتوتر. ويُصاب بعض الأشخاص بردود فعل جسدية، مثل الصداع، واضطراب المعدة، وصعوبة النوم. وقد يؤدي الإجهاد طويل الأمد إلى القلق والاكتئاب، وتفاقم الأعراض لدى الأشخاص الذين يعانون مسبقًا من حالات صحية سلوكية، ضمنًا تعاطي المخدرات.
ما هي أعراض التوتر التي يجب أن يتنبه لها الناس؟
وين: بالإضافة إلى الشعور بالضيق والقلق، قد يشعر الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد أيضًا بالتوتر، وعدم اليقين، والغضب. وغالبًا ما يعبّرون عن أعراض أخرى، ضمنًا الشعور بنقص الحافز، وصعوبة في التركيز، والتعب، والإرهاق. وغالبًا ما يُبلّغ الأشخاص في المواقف العصيبة، عن حزنهم أو اكتئابهم.
ومن المهم ملاحظة أنّ الاكتئاب والقلق عبارة عن تشخيصين طبّيين منفصلين. ويمكن أن تتفاقم أعراض الشخص المصاب بالاكتئاب أو القلق عندما يمر بأوقات في حياته تتضمن توترًا إضافيًا. والتوتر طويل الأمد قد يؤدي أيضًا إلى الاكتئاب والقلق.
وتتمثل إحدى طرق التفكير بالفرق بين التوتر من جهة والقلق والاكتئاب من جهة أخرى، في أن التوتر عمومًا هو استجابة لسبب خارجي قد يكون جيدًا ومحفزًا، مثل الحاجة إلى إنهاء المشروع. وقد يكون أيضًا ضغطًا عاطفيًا سلبيًا، مثل الجدال مع شريك رومانسي، أو مخاوف بشأن الاستقرار المالي، أو موقف صعب في العمل. ويجب أن يزول التوتر عندما يتم حل الموقف.
ويستمر الشعور بالقلق والاكتئاب بشكل عام. حتى بعد مرور حدث خارجي مرهق، وتنبع هذه المشاعر الداخلية من الخوف، وعدم الجدارة، وتتعارض مع قدرتك على العيش والاستمتاع بحياتك.
ما هي آثار التوتر طويل الأمد الصحية؟
وين: قد يكون للتوتر المزمن عواقب طويلة الأمد. إذ أظهرت الدراسات أنه يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، ويرتبط باستجابة مناعية أسوأ، وتراجع الوظيفة الإدراكية.
ويُعتبر الأفراد الذين يعانون من الإجهاد أكثر عرضة لاعتماد السلوكيات غير الصحية، مثل التدخين، والإفراط في الشرب، وتعاطي المخدرات، وقلة النوم، وقلة النشاط البدني.
ما هي التقنيات التي يمكن أن تساعد على معالجة التوتر؟
وين: أولًا، الوعي مهم. اعرف ردة فعلك على التوتر. وتوقع أن الموقف قد يكون مرهقًا والاستعداد للتعامل معه قد يقلل من التوتر والقلق.
ثانيًا، حدّد الأعراض. فإذا كنت تعلم مثلًا أن ردة فعلك على الضغط تشمل الشعور بزيادة معدل ضربات القلب لديك والانزعاج، فيمكنك اكتشاف الأعراض فور حدوثها، وتصبح على دراية بالموقف المسبّب للضغط عند حدوثه.
ثالثًا، تعرف إلى أساليب تخفيف التوتر التي تناسبك. ويُعتبر بعض الناس من عشاق التأمل اليقظ، وممارسته بالإضافة إلى تمارين التنفس العميق، بمثابة أمر مفيد للجميع.
بالنسبة لي، لا شيء يخفف التوتر لدي مثل التمارين الرياضية، لا سيما السباحة. وترتبط التمارين الهوائية بتخفيف التوتر، وقد يساعد مزجها مع تدريب متواتر عالي الكثافة أيضًا.
ويلجأ الكثيرون إلى تقنيات أخرى محددة لمساعدتهم. مثل تنظيف منازلهم، وتنظيم خزاناتهم، أو العمل في حدائقهم. ويقضي آخرون وقتًا بالمشي في الطبيعة، أو الكتابة في مجلة، أو الحياكة، أو اللعب مع حيواناتهم الأليفة، أو ركوب الدراجات.
ما هي استراتيجيات المواجهة غير الصحية التي يجب على الناس تجنبها؟
وين: بالتأكيد. هناك أمور يلجأ إليها الناس في محاولة لجعل أنفسهم يشعرون بتحسّن على المدى القصير، لكن في الحقيقة قد تزيد الأمور سوءًا. فالإفراط بتناول الكحوليات، وتعاطي المخدرات، والتدخين، ليست استراتيجيات التكيف الصحية. وينسحب الأمر نفسه على السهر طوال الليل، والإفراط بتناول الطعام.. وهذه لها عواقب واسعة النطاق، ويجب عليك إعادة النظر فيها.
متى يحين الوقت المناسب لطلب المساعدة؟
وين: إذا كان الضغط الذي تشعر به يتعارض باستمرار مع عملك، أو حياتك الاجتماعية أو الشخصية، أو إذا كنت تعاني من علامات وأعراض الاكتئاب والقلق واضطرابات الصحة العقلية الأخرى، فقد حان الوقت لطلب المساعدة.