تأطير يفرضه السياق
من النوافذ الحقوقية التي أطل منها دستور 2011 على جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ، بالإضافة إلى ممارستها أنشطتها بحرية ،وعدم حلها إلا بمقتضى قضائي ، هناك نافذة المساهمة في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ، وكذا تفعيلها وتقييمها . وذلك كله في إطار الديمقراطية التشاركية .
ولكي تكون المساهمة المذكورة للمجتمع الأهلي مشاركة مواطنة ، فقد أحاطها الفصل 12 لدستور 2011 بحزمة من الضوابط أطرها ما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور الذي نقرأ فيه ” يجب أن يكون تنظيم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية ” .
هذه الفقرة نادرا ما استحضرتها الكثير من الجمعيات على امتداد التراب الوطني في ترافعها من أجل تجويد بيئة عملها ، وحث الفاعل السياسي المؤسساتي على تفعيل أدوارها الجديدة التي تستمد شرعيتها من الأطر المرجعية الوطنية ( الدستور والقوانين التنظيمية والمراسيم التطبيقية ..) والمرجعية الدولية ، مادامت المملكة المغربية تنتصر لسمو الاتفاقيات الدولية كما صادقت عليها ، وتحمي منظومة حقوق الإنسان ، كما هو وارد في تصدير الدستور الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من هذا الأخير .
مجلس جماعة وزان والحكامة الجمعوية
في إطار مأسسة علاقته بجمعيات المجتمع المدني ، وبعد وقوفه على جملة من الاختلالات التي تعتري هذه العلاقة ، بادر مجلس جماعة دار الضمانة بفتح هذا الورش ( مأسسة العلاقة) الذي لا يقل أهمية عن أي ورش من الأوراش المطالب بفتحها ، وخصوصا تلك المتعلقة باختصاصاته الذاتية ، والمشتركة . وفي هذا الإطار عكفت لجنة الديمقراطية التشاركية التي سبق وأحدثها مجلس الجماعة عند هندسة هيكلته بعد استحقاق 8 شتنبر 2021 ، (عكفت) على إعداد ” مشروع دليل المساطر الخاص بتحديد شروط دعم برامج ومشاريع الجمعيات” . ولم يقف مجلس الجماعة عند هذا الحد ، بل ذهب بعيدا حيث وضع النسخة الرقمية للمشروع على صفحته الرسمية بالفايسبوك ، وأصدر بلاغا أعلن من خلاله عن” فتح نقاش عمومي تشاوري ….وتلقي آراء وملاحظات واقتراحات الجمعيات والفاعلين الجمعويين …” وذلك كله يؤكد البلاغ ، من أجل إعمال مبدأ الحكامة الجيدة ، وتكريس الشفافية ، وتكافؤ الفرص ، في التنافس على التمويل العمومي .
هندسة المشروع المذكور تتوزع بين مقدمة و سبعة أبواب و27 مادة . أما الأبواب فقد جاءت مرتبة على الشكل التالي : الأهداف ومجالات الدعم -أنواع وشروط الدعم – المعايير وتنقيط ملفات طلبات الدعم -مسطرة طلب الدعم والبث فيها – أجهزة الحكامة – صرف دعم المشاريع – مقتضيات ختامية عامة .
على سبيل الختم
لا يمكن للمتتبع الموضوعي إلا أن يثمن مبادرة مجلس جماعة وزان وهو يسارع لتنزيل الفصل 12 لدستور المملكة ، ويضخ فيه نفسا قويا بالاستعداد للمصادقة على دفتر تحملات واضحة معالمه ، محددة العلاقة مع النسيج الجمعوي بالجماعة على أسس واضحة ، تتمحور كلها حول الشفافية ، وتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص الدستوري ،(القطع مع العلاقة الحزبية والغامضة في صرف المال العمومي ، وحمايته من أي تبديد ( ما أكثر الجمعيات التي بددته) . ومن دون شك سيساهم “مشروع دليل المساطر الخاص بتحديد شروط دعم برامج ومشاريع الجمعيات” المعروض للنقاش العمومي قبل المصادقة عليه ، في تأهيل جمعيات المجتمع بوزان التي لازال البعض منها يراوح مكانه الماقبل دستور 2011 .
*ناشط جمعوي