حذرت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، من مخاطر ارتفاع المديونية الخارجية للمغرب، وقالت إنها تفاقمت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بعدما قفز الدين الخارجي بداية سنة 2020 قفزة صاروخية، مرتفعا بأكثر من 34 مليار درهم، متجاوزا عتبة 370 مليار درهم، إذ أصبح يمثل 34.4 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، مقابل 29.5 بالمئة سنة 2019 , فيما تسبب المجهود المالي الذي قامت به الدولة من أجل مواجهة تداعيات الأزمة الوبائية على الاقتصاد الوطني، في تفاقم عجز الميزانية العامة وارتفاع الدين العمومي إلى مستوى قياسي، وفق قولها.
واعتبرت الهيئة الحقوقية، أن استمرار “التهرب” من فرض الضريبة على الثروة والرأسمال، تحت مسميات الإصلاحات كالإعفاءات الضريبة، يستفيد منه رجال الأعمال والأغنياء كثيرا، مما يؤدي، بحسبها، إلى إفقار واسع وغلاء أسعار مطرد مع تزايد الإخلال بالعجز المالي.
وشددت، في بيان توصلت المساء24 بنسخة منه، على كون القوانين المالية بالمغرب، تسعى بالمقام الأول إلى تقليص عجز الموازنة بتقليل الدعم لصندوق “المقاصة”، في نفس الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى زيادة الضرائب على المواطنين وفتح الأسواق ل”نهب” رجال الأعمال وبعض الشركات النافذة كشركات المحروقات، وبتسيهلات ضريبية على أرباحهم، والتي كان من الممكن استخدامها لسد عجز الموازنة، على حد تعبيرها.
وانتقدت الرابطة رصد القوانين المالية ميزانيات مهمة لمشاريع استثمارية تستهدف إنعاش الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص، والتي تعمل لصالح “فئة متحكمة” دون ضمان حل للمشاكل الاجتماعية المتصاعدة، خاصة في ظل عجز القطاع الخاص، الساعي وراء الربح، عن تلبية متطلبات الشعب وتقليص التفاوت الكبير والتعويضات والأجور بين الموظفين والأجراء، مستنكرة في هذا الإطار استفادة الوزراء والبرلمانيين والعديد من ممثلي بعض الهيئات الدستورية من تعويضات “خيالية” وتقاعد دسم، على حد قوله.
واعتبرت ذات الهيئة من خلال بلاغها بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر 2022، استقطاب القطاع غير النظامي للكثير من العمال، الأمر الذي يبرِّر تردي أوضاع العمل ويجعل العمّال أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية، ومن الاقتصاد المغربي اقتصاد قابل لهزات خطيرة، بالإضافة إلى استمرار الفساد والنهب فيما يتعلق بالأراضي السلالية وأراضي الأملاك المخزنية وما سميت بالمناطق الصحراوية بالكرار.
ورصد المصدر الحقوقي، أن الأشخاص الذين يعيشون الفقر بالمغرب، يعانون من عدة أشكال الحرمان المترابطة والمتعاضدة، التي تمنعهم من إعمال حقوقهم وتديم فقرهم، بما فيها ظروف العمل الخطيرة وغياب الإسكان المأمون، مع وجود تفاوت في إتاحة الوصول إلى العدالة، والتي تحتاج حسبها إلى ضرورة الإصلاح العميق والشامل لهذه المنظومة.
وثمنت الهيئة الحقوقية، خطوة الحكومة المغربية بدعوة المقرر الاممي لمناهضة الفقر، خطوة إيجابية يجب استثمارها من أجل التعرف على مكامن الضعف وأدوات القضاء على الفقر، مشددة أيضا على ضرورة محاربة الفساد والريع وكافة أشكال استغلال النفوذ، وإقرار التعويض عن الفقر لفائدة الأسر الفقيرة والمعوزة.
وحملت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان المسؤولية الكاملة للحكومة المغربية فيما آلت إليه أوضاع المواطنات والمواطنين، من تدهور اجتماعي واقتصادي وثقافي وبيئي، وذلك عبر تنصلها من محاربة الفساد، وعدم تنفيذ وعودها الإنتخابية، الشئ الذي أدى إلى تفاقم الفقر بالمغرب.
وسجلت الرابطة، استمرار وتعمق الانتهاكات المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة النظام الاقتصادي المنتهج من طرف الحكومة، وسوء تدبيرها لمرحلة إنهاء الحجر الصحي، وضخامة خدمات المديونية الخارجية، وانعكاسات السياسة الليبرالية المتوحشة، وخاصة بالنسبة لميزانية الدولة، التي أصبحت متعارضة مع التنمية والتشغيل.
هذا وأكدت ذات الهيئة، على ضرورة إقامة نموذج اقتصادي تنموي ذو مقاربة حقوقية، يضمن حق الشعب المغربي في تقرير مصيره الاقتصادي، ويضمن التنمية المستديمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لفائدة الجميع، مع اتخاذ إجراءات استعجالية، من قبيل إلغاء المديونية الخارجية للمغرب، والتي تشكل خدماتها إلى جانب سياسة التقويم الهيكلي والخوصصة وانعكاسات العولمة الليبرالية المتوحشة حواجز خطيرة أمام التنمية، حسب تعبيرها.