المساء24 – محمد خياتي
في سابقة تحمل دلالات على تغير في منطق التدبير بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، كشف الوزير محمد سعد برادة عن الأسباب التي دفعت إلى إعفاء 16 مديرًا إقليميًا من مهامهم خلال المرحلة الأخيرة، مؤكدًا أن القرار يأتي في إطار دينامية تجديد النخب وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وخلال عرض قدمه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، أوضح برادة أن “الأغلبية الساحقة من الإعفاءات تمت بناءً على طلبات من الأكاديميات الجهوية”، مشيرًا إلى أن التقييم الميداني أظهر محدودية أثر بعض المديرين الإقليميين على نتائج تنزيل مشروع “مدارس الريادة”.
وأضاف الوزير أن “بعض المديرين ظلوا في مناصبهم لأكثر من عشر سنوات، وكان من الضروري إحداث تغيير لضخ دماء جديدة”، كما لمح إلى أن “مديرًا أو اثنين فقط تم إعفاؤهم على خلفية تقارير للمفتشية العامة”، مما يؤكد أن الجانب التأديبي لم يكن المحور الرئيس للقرارات.
تغيير مقاربة التعيين..من الأكاديميات إلى المباراة الوطنية
وفي خطوة ترمي إلى تعزيز الشفافية، أشار برادة إلى أن الوزارة قررت هذه السنة تنظيم مباراة وطنية موحدة لشغل مناصب المديرين الإقليميين، بدل انتقاء جزئي على مستوى الأكاديميات، ما خلق نقاشًا واسعًا، خاصة مع ترشح 600 شخص لـ26 منصبًا، واختيار 200 منهم في مرحلة الانتقاء الأولي.
وصرّح الوزير قائلاً: “في المعدل، تقدم 20 مرشحًا لكل منصب، واختير الأفضل من بينهم، إلا أننا لم نقتنع بأداء أربعة منهم لاحقًا، مما اضطرنا إلى إعادة فتح المباراة”، مضيفًا أن “هذا جزء من سيرورة طبيعية في منطق التدبير القائم على الكفاءة والنتائج”.
المديرون أمام منطق جديد: التقييم المستمر وربط المسؤولية بالمحاسبة
وأكد برادة أن “زمن التسيير البيروقراطي قد ولى، وأن المدير الإقليمي اليوم مطالب بالحضور الميداني، وتشخيص الإشكالات وتقديم حلول فعلية”، مشددًا على أن الوزارة أصبحت تقيّم أداء المسؤولين المحليين بناءً على مؤشرات دقيقة تتعلق بجودة التعليم وتنزيل المشاريع الإصلاحية، خاصة في ما يتعلق بمدارس الريادة.
في ظل التحولات التي تعرفها منظومة التعليم العمومي، يبدو أن وزارة التربية الوطنية تتجه نحو إرساء ثقافة جديدة قوامها الفعالية، التجديد، وربط المسؤولية بالمحاسبة. ويبقى السؤال المطروح: هل ستؤدي هذه الدينامية الجديدة إلى تحسين فعلي في مؤشرات الأداء وجودة التعلمات في المدرسة العمومية المغربية؟