قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، اليوم، في افتتاح الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الرابعة من الولاية الحادية عشرة، إن المجلس واصل خلال الفترة ما بين الدورتين، الاضطلاع بمهامّه في ارتباط وتفاعل وتجاوب مع قضايا المجتمع، ومع ما يفرضه السياق الوطني من انشغالات وتحديات ورهانات.
وأكد الطالبي أن النواب البرلمانيين مطالبون بمواصلة الحضور المنتج المتفاعل، وتقدير المسؤولية والأمانة التي هم مُطَوَّقُونَ بها، على اختلاف مواقعهم في المعارضة والأغلبية، وعلى تنوع خَلْفِيَاتِهم السياسية التي تظل، في النهاية، موحدة تحت سقف الوطن وفي خدمته، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية الحيوية، وفق تعبيره.
ودعا رئيس المجلس أعضاء وعضوات مجلس النواب لاستحضار، دوما، المصالح الجيوسياسية والجيو-ستراتيجية للمملكة في سياق الظروف الإقليمية والدولية المتسمة باللايقين، والمفاجآت، حيث تتشكل معادلات جيوسياسية وجيو-اقتصادية جديدة يتخللها العديد من الصدمات.
وأضاف “يتعين علينا، جميعا معًا وسويًّا، أن نُعزز تماسكنا وتلاحمنا الوطني والحفاظ عل صفوفنا قوية مرصوصة.ويقتضي ذلك أن نعمل ما أمكن على أن نضع خلافاتِنا –وليس اختلافاتِنا التي هي أصل غنانا السياسي والثقافي- جانبا في هذه الظرفية الإقليمية والدولية الدقيقة”.
وأبرز أن المغرب يتوفر على الرافعات الضرورية للصمود، وتعزيز تموقعه الإقليمي والقاري والدولي، وفي مقدمة ذلك تَرَسُّخُ مؤسساته ونموذجه الديمقراطي، وعراقة وقوة الدولة المغربية، والتفاف مكونات الأمة حول مَلكيتنا العريقة التي تشكل لحمة ضامنة لاستمرار الأمة وقوتها، حسب قوله.
وزاد مؤكدا “ينبغي لنا أن نتمثل عددا من الاعتبارات، ونحن نمارس مهامنا على المستوى الخارجي، ويتعلق الأمر، أولا، بالحفاظ دوما على قضية وحدتنا الترابية متصدرة اهتماماتنا ومواقفنا، ومعاركنا الدبلوماسية، والاقتداء في ذلك بالرؤية الملكية وعمل الدبلوماسية الوطنية، وأن نستحضر دوما النطقَ الملكي السامي المتمثل في كون “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”. ويتعلق الأمر، ثانيا، بكون الحاجة إلى العمل الدبلوماسي وكثافته ستزداد في ضوء التحولات الكبرى في السياسة العالمية والعلاقات الدولية، وفي ضوء تموجات المحاور والأحلاف الدولية، حيث سيكون على البرلمانات أن تقرب وجهات النظر وتعمل من أجل الوفاق الدولي. ويتعلق الأمر، ثالثا، بكون التحديات الدولية، بما في ذلك النزاعات والتطرف العنيف، والاختلالات المناخية، والهجرات والنزوح والصراعات على المياه وعلى مصادر الغذاء ستتعاظم. وإزاء كل ذلك ينبغي أن نكون يقظين مواكبين للدبلوماسية الوطنية ومدافعين عن مصالح بلادنا والتعريف بإمكانياتها واسهاماتها الدولية في مواجهة هذه المعضلات الكونية”.
وشدد الطالبي العلمي على ضرورة الحرص على المزيد من الحضور المؤثر والتسلح بِعُدَّةِ الإلمام بالملفات، والصمود في وجه الأكاذيب وفي وجه تزوير التاريخ وفضح السردية التي ما يزال خصوم الوحدة الترابية يتوهمونها ويروجونها للغايات التي أصبحت مكشوفة للجميع.
وقال إن التركيز على قضايانا الوطنية لم يُثْنِنَا عن الانشغال بالقضايا التي تهم المجموعة الدولية والإشكالات الجديدة التي تواجهها، وفي مقدمتها السلم والعدل الدوليان، مشيرا في هذا الصدد، إلى حرصه في مختلف المنتديات البرلمانية على تجديد التضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق في مواجهة القتل والحصار والتجويع، والتّذكير بدعم المملكة المغربية لعدالة قضية الشعب الفلسطيني بقيادة سلطته الوطنية ومؤسساته الشرعية، وبالدور الذي تضطلع به لجنة القدس برئاسة عاهل البلاد الملك محمد السادس وذراعها الاجتماعي والإنساني، بيت مال القدس، في دعم الوجود الفلسطيني.
وختم كلمته بالإشارة إلى أن برنامج عمل هذه الدورة سيكون غنيا، إذ ستَفرض على مجلس النواب الأجندات الوطنية والرهانات التي تتوخى بلادنا تحقيقها، مزيدا من التعبئة، والحضور المنتج، وجعل المؤسسة، كما كانت دائما، إطارا وفضاء لمناقشة القضايا الكبرى والعمل على إنضاج واقتراح الحلول من موقعنا الدستوري والمؤسساتي في تكامل وتعاون مع باقي المؤسسات، عل. حد تعبيره.