ينعقد بمدينة بوزنيقة، اليوم وغدا الأحد، المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، في لحظة سياسية دقيقة يسعى خلالها الحزب إلى إعادة بناء تنظيمه الداخلي، انتخاب قيادة جديدة، والمصادقة على أطروحة سياسية وورقة مذهبية تؤطر توجهاته للمرحلة المقبلة مع إقتراب الإنتخابات .
يأتي هذا المؤتمر، الذي يُعرف إعلاميًا بـ”مؤتمر المصباح”، في سياق استثنائي يعيشه الحزب منذ نكسته الانتخابية في 2021، والتي شكلت نقطة تحول حادة بعد سنوات من الحضور القوي في مؤسسات الدولة، أبرزها فوزه التاريخي في انتخابات 2016 وتسييره لأكثر من 200 جماعة.
فيما كان من المنتظر حضور وفد من حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ممثلاً بالناطق الرسمي فوزي برهوم وشخصية أخرى، فقد أفاد رئيس اللجنة التحضيرية إدريس الأزمي الإدريسي، بتعذر حضور وفود فلسطين، الأردن، وليبيا، مؤكداً في الوقت ذاته تأكيد حضور وفود من السنغال وتركيا، ووصول وفود تونس وموريتانيا للمشاركة في الجلسة الافتتاحية.
ويحظى هذا المؤتمر باهتمام إعلامي غير مسبوق، حيث تقدّمت 120 مؤسسة صحفية بطلب تغطيته، ما يعكس الحضور المستمر للحزب في صلب النقاش السياسي الوطني والدولي.
ومن أبرز الرسائل التي أثارت الانتباه، إعلان الحزب عن تمويل المؤتمر بالكامل عبر الاكتتاب الداخلي من طرف المؤتمرين، في خطوة فسّرها البعض كرسالة سياسية بليغة تؤكد استقلالية الحزب المالية والتنظيمية، وتنتقد بشكل غير مباشر ما يُعتبر “تمييزاً” في دعم الدولة لباقي الأحزاب.
وفي سياق آخر، أشار الكاتب والفاعل السياسي أحمد شاكر إلى وجود حملة وصفها بـ”المسعورة” لتعطيل المؤتمر، متسائلًا عن التناقض الصارخ بين ما يُمنح لأحزاب أخرى من دعم مالي ضخم لمجرد فعاليات شكلية عادية، في وقت يواجه فيه “العدالة والتنمية” صعوبات واضحة، رغم كونه حزباً وطنياً حيوياً في المشهد السياسي الوطني.
المؤتمر الوطني التاسع ليس فقط محطة تنظيمية داخلية، حسب إخوان بنكيران، بل لحظة اختبار حقيقي لروح الحزب النقذية وقدرته على استعادة زخم النقاش الداخلي، كما حصل سنة 2017 إبان الجدل حول الولاية الثالثة لبنكيران، حين تميزت تلك المرحلة بحيوية فكرية ونقاش ديمقراطي واسع. غير أن ملاحظين اليوم يتحدثون عن فتور في الحوارات الداخلية، ما يطرح أسئلة جوهرية حول مستقبل الحزب وقدرته على التجدد.
وختامًا، تبقى الأنظار موجهة نحو مخرجات مؤتمر بوزنيقة، وسط آمال تحذو أنصار “بيجيدي” في أن يعيد الحزب ترميم صورته، ويُجدد نخبه، ويسترجع موقعه في المشهد السياسي، لا باعتباره مجرد تنظيم انتخابي، بل مدرسة في الحوار والنقد والمسؤولية الوطنية.