الموظفون الجماعيون يستنجدون بوسيط المملكة لإنصافهم ورفع “التمييز الممنهج” عنهم

المساء24

وجه المكتب الوطني للجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية بالمغرب تظلما رسميا عاجلا إلى مؤسسة الوسيط، دعا من خلاله إلى التدخل الفوري لإنصاف موظفي الجماعات الترابية ورفع ما وصفه بـ“الحيف والتمييز الممنهج” الذي يعانون منه في علاقتهم بالإدارة، محذرا من تداعيات هذا الوضع على السلم الاجتماعي وجودة الخدمات العمومية.

وأكدت الجمعية، في هذا التظلم الذي توصلت به مؤسسة الوسيط، أن موظفي الجماعات الترابية يعيشون “واقعا غير مسبوق من اللامساواة والإقصاء الإداري”، حيث يتم التعامل معهم – بحسب تعبيرها – “كفئة من الدرجة الثالثة” مقارنة بزملائهم في القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية، رغم قيامهم بمهام ومسؤوليات متعددة تشمل مجالات التخطيط والتعمير والجبايات والخدمات الاجتماعية والبيئة وغيرها.

وأضافت الوثيقة أن هذا الوضع “يكرس سياسة ممنهجة من التمييز والعنصرية الإدارية”، تتجلى في التفاوت الصارخ في الأجور والتعويضات والترقيات والتحفيزات، مما أدى إلى “إحباط واسع داخل صفوف موظفي الجماعات الترابية” وانعكس سلبا على مردودهم المهني، وعلى فعالية السياسات العمومية المحلية.

واتهمت الجمعية وزارة الداخلية، المشرفة على القطاع، بـ“ممارسة سياسة فوقية وتسلطية في تدبير الحوار الاجتماعي”، متجاهلة المقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور، ومصرة على “تمرير نظام أساسي مشوه وإقصائي” يوم 23 يونيو 2025، “دون توافق حقيقي مع النقابات الأكثر تمثيلية”، بل عبر “استعمال نقابات غير قانونية التمثيلية كغطاء لتبرير تمرير قراراتها بشكل قسري”.

واعتبرت الجمعية أن ما يجري يشكل “تمييزا ممنهجا واستعبادا إداريا مقنعا”، يتنافى مع مبادئ المساواة والإنصاف التي يكرسها الدستور المغربي، ولا سيما الفصول 6 و31 و154، إضافة إلى خرقه للالتزامات الدولية للمملكة بموجب العهدين الدوليين لحقوق الإنسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي تحظر التمييز في الأجور والمعاملة المهنية.

وحذرت الوثيقة من أن استمرار هذا الوضع “يهدد السلم الاجتماعي داخل القطاع، ويمس بثقة الموظفين في المؤسسات، ويكرس الإحباط وسط فئة تعتبر العمود الفقري للتنمية المحلية والجهوية”، مؤكدة أن هذه الفئة تتحمل عبء تنفيذ السياسات العمومية على أرض الواقع رغم ضعف التحفيز وضعف العدالة في المعاملة.

وفي هذا السياق، دعت الجمعية مؤسسة الوسيط إلى التدخل العاجل لدى رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية والوزارات الأخرى المعنية لفتح حوار وطني حقيقي وشفاف حول أوضاع موظفي الجماعات الترابية ومطالبهم المشروعة، معتبرة أن الحل يبدأ من إرساء مقاربة تشاركية قائمة على العدالة والمساواة بدل القرارات الفوقية التي تغيب عنها روح التوافق.

كما طالبت الجمعية بـمراجعة النظام الأساسي الخاص بموظفي الجماعات الترابية بما يضمن المساواة والعدالة في الأجور والتعويضات والترقيات مقارنة بباقي موظفي الدولة والمؤسسات العمومية والشبه العمومية، داعية إلى ضرورة وضع حد لكل الاختلالات البنيوية التي تعمق الفجوة بين القطاعات.

ونبهت الجمعية إلى وجوب وقف كل المساطر الأحادية التي تروم تمرير أنظمة أساسية دون توافق نقابي حقيقي، ودون حل الملفات العالقة المتعلقة بحاملي الشهادات والكتاب الإداريين وخريجي مراكز التكوين الإداري والتعويضات والترقية الداخلية والإدماج المهني، معتبرة أن “الاستمرار في نهج هذه السياسة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي”.

كما طالبت بــفتح تحقيق إداري ومالي مستقل حول مظاهر الإقصاء والتمييز في تدبير الموارد البشرية داخل الجماعات الترابية، بهدف تحديد المسؤوليات الإدارية والمالية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة الثقة والشفافية في التدبير.

ودعت الجمعية أيضا إلى إصدار تقرير رسمي يبرز حجم الحيف الاجتماعي والمهني الذي يعانيه موظفو الجماعات الترابية، ويقترح توصيات عملية لإعادة التوازن الوظيفي والاعتبار لهذه الفئة التي تؤدي دورا محوريا في التنمية المحلية.

وختمت الجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية بالمغرب تظلمها بالتأكيد على أنها “لا تلتمس مجاملة، بل تطالب بتفعيل الدور الدستوري والحقوقي لمؤسسة الوسيط” في مواجهة ما أسمته بـ”الظلم المؤسسي والتمييز المنظم” الذي يتنافى، بحسبها، مع روح الدستور ومبادئ العدالة الاجتماعية، مشددة على أنها ستواصل “نضالها السلمي والقانوني من أجل كرامة الموظف الجماعي والمساواة الحقيقية لا الشعاراتية.”