المساء24
أصدرت الوكالة الوطنية للمياه والغابات نشرة إنذارية جديدة، تغطي الفترة الممتدة من 17 إلى 20 غشت الجاري، في إطار جهودها الرامية إلى استباق مخاطر حرائق الغابات على المستوى الوطني. وتعتمد هذه النشرة على معطيات علمية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الغطاء الغابوي وقابليته للاحتراق، إلى جانب التوقعات المناخية والظروف الطبوغرافية للمناطق.
وكشفت الوكالة، بعد تحليل شامل للبيانات المتوفرة، عن خريطة تنبؤية تحدد المناطق الأكثر عرضة للحرائق. وجاء التصنيف على ثلاث درجات أساسية:
ففي خانة الخطورة القصوى، تم إدراج أقاليم شفشاون، فحص أنجرة، طنجة-أصيلا، المضيق-الفنيدق وتازة، وهي مناطق تتسم بكثافة غابوية عالية وقابلية سريعة للاشتعال. أما الخطورة المرتفعة، فقد شملت أقاليم الحسيمة، العرائش، وزان، تطوان، إفران وتاونات، حيث تتداخل هشاشة الغطاء النباتي مع ظروف مناخية ملائمة لانتشار الحرائق. في حين وُضعت أقاليم بركان، الدريوش، الناظور، وجدة-أنجاد، صفرو، الرباط، سلا، الصخيرات-تمارة، أزيلال، بني ملال، خنيفرة، الصويرة وأكادير إدا أوتنان في خانة الخطورة المتوسطة.
وأكدت الوكالة الوطنية للمياه والغابات أن هذه النشرة ليست مجرد تنبيه، بل هي دعوة ملحة إلى التحلي بالمسؤولية الفردية والجماعية. فقد شددت على ضرورة توخي أقصى درجات الحيطة والحذر من طرف الساكنة المجاورة للمجالات الغابوية والعاملين بها، وأيضا من طرف المصطافين والزوار الذين يقصدون هذه الفضاءات الطبيعية.
وطالبت الوكالة الجميع بتفادي أي نشاط قد يتسبب في اندلاع الحرائق، سواء تعلق الأمر بإشعال النيران أو رمي أعقاب السجائر أو أي سلوك متهور آخر. كما دعت إلى الإسراع بإبلاغ السلطات المحلية المختصة عند رصد أي دخان أو مظهر غير عادي، من أجل التدخل الفوري والحد من انتشار النيران.
وتأتي هذه النشرة في وقت تشهد فيه المملكة موجات حر متكررة، ما يرفع بشكل كبير من قابلية الغابات للاشتعال وسرعة انتشار ألسنة اللهب. وهو ما يجعل من التعبئة المجتمعية، إلى جانب التدخل المؤسساتي، عاملا حاسما في حماية الثروة الغابوية وصون التوازن البيئي.
فقد عرفت الأيام القليلة الماضية اندلاع حريق واسع في غابة دردارة قرب شفشاون، أتى على نحو 500 هكتار من الغابات إضافة إلى مساحات من الأراضي الزراعية المجاورة، مخلفاً خسائر بيئية ومادية جسيمة.
ووصف مسؤولون هذا الحريق بأنه الأكبر من نوعه خلال السنة الجارية، مشيرين إلى أن سرعة انتشاره كانت “استثنائية” بسبب الرياح القوية والتضاريس الجبلية الوعرة التي صعّبت من عمليات التدخل.
وقد تجندت لمواجهة ألسنة اللهب فرق ميدانية متعددة التخصصات مدعومة بـ أسطول جوي يضم حوالي ثماني طائرات، حيث تمكنت إلى حدود الساعة من السيطرة على ثلاث بؤر رئيسية من أصل أربع.
وتزامن هذا الوضع مع موجة حر خانقة تراوحت درجاتها بين 38 و47 درجة مئوية، رافقتها رياح “الشرقي” الصحراوية، وهي ظروف مناخية جعلت الغطاء الغابوي أكثر هشاشة وسرّعت من وتيرة انتشار النيران.