قال د. أمين بوزوبع، باحث في السياسة الدوائية، إن الأرقام التي تضمنها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات بشأن هامش ربح الصيدلي في المغرب المطبق على الأدوية، لا تكشف حقيقة الواقع الذي يعيشه القطاع والمشاكل التي يتخبط فيها، وفق تعبيره.
وأوضح بوزوبع، في تصريح للمساء24، أن هوامش الربح المقدمة في التقرير للأدوية هي هوامش ربح تجتمع فيها عدة مؤسسات، فهامش ربح 47% في الدواء بعد هامش ربح المختبر المصنع، يضم هامش ضريبة القيمة المضافة المخصص للدولة، وهامش ربح الشركات الموزعة ثم هامش ربح الصيدلية.
وقال “كنا نتمنى أن يلجأ تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى هيئة الصيادلة للحصول على معلومات أكثر حول قطاع الصيدليات، لأن في التفاصيل سنجد كل الحقائق و ليس في العناوين”.
وأضاف”اليوم، ثلث الصيدليات المغربية أي ما يعادل 4000 صيدلية على عتبة الإفلاس، و إن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على أن هامش ربحها لا يغطي نفقات تسييرها، و لاسيما في ظل التضخم المستمر من ارتفاع للضرائب، الارتفاع الدائم لكثل أجور المستخدمين، و ارتفاع قيمة الأكرية و غيرها من التجهيزات التي يحتاجها تسيير هذه الصيدليات”.
وأكد الباحث في السياسة الدوائية أن الهامش الربحي الصافي للصيدليات لا يتعدى 8%، و هو الرقم الذي اعتمدته رسميا المديرية العامة للضرائب في توقيعها الاتفاقية الإبرائية مع قطاع الصيدليات سنة 2019، مشيرا إلى أن العديد من الصيدليات هم اليوم أمام متابعات قضائية في المحاكم ومهددين بالسجن، لأنهم لم يستطيعوا تسديد متأخراتهم بسبب الهشاشة التي أصبحت تعرفها العديد من الصيدليات في المغرب، على حد قوله.
كما أشار إلى أن التقرير الأخير لمجلس المنافسة لسنة 2019، تحدث على أن المعدل الوطني لأجر الصيدلاني في المغرب محدد في 4000 درهم شهريا، بعدما اطلع على كل تفاصيل القطاع، وزاد موضحا “ليس الصيدليات المتمركزة في شوارع المدن الكبرى هي المعيار المرجعي، ف 60% من الصيدليات في المغرب تشتغل في العالم القروي”.
وقال “إن السؤال المحوري اليوم، هو كيفية دعم ومواكبة هاته الصيدليات، لأنه إذا ما أغلقت أبوابها، و خصوصا في المناطق القروية من المملكة، وترتب عنه حرمان آلاف المواطنين من الأدوية، فعن أي أمن دوائي أو صحي يمكننا الحديث؟”.
واعتبر الدكتور أمين بوزوبع القول بأن هامش ربح الصيدليات في المغرب أكثر من دول أخرى غير صحيح ومجانب لحقيقة الواقع، لأن الصيدليات في فرنسا مثلا، يوضح المصدر، فإلى جانب هامشها الربحي في الأدوية فهي تتلقى تعويضات مادية عن صرف الأدوية، و تعويضات عن الحراسة، و تعويضات عن تمديد الوصفات الطبية و عن عمليات التلقيح و عن الكشوفات السريعة و عن استبدال الأدوية الأصلية بالجنسية و عن الاستشارة الطبية عن بعد، و غيرها من التعويضات الكثيرة جدا، في الوقت الذي تعتمد فيه الصيدليات في المغرب في تسيير مرافقها الصحية فقط على الهامش الربحي في الأدوية، مما يجعل منه نموذجا متجاوزا مقارنة مع الدول الأوروبية، حسب تعبيره.
وختم قائلا “نحن اليوم أمام ورش اجتماعي كبير متمثل في التغطية الصحية الشاملة و أمام قطاع للصيدليات على حافة الانهيار، فكيف حل هذه المعادلة التي تحتاج إلى قطاع صيدليات قوية و في نفس الوقت إلى إنجاح هذا الورش و رفع هذا التحدي؟”.
وكان تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2021، قد أشار إلى أن هوامش ربح الصيدليات من تتراوح بين 47 %و57 % بالنسبة للأدوية التي يكون ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي 588 درهما، وبالنسبة للأدوية التي يزيد سعر تصنيعها عن 558 درهما، تتراوح هذه الهوامش بين 300 و400 درهم لكل علبة.
فيما تتفاوت هوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة بين 11% بالنسبة للأدوية التي يكون ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي 588 درهما و2 % بالنسبة لباقي الأدوية.
وأظهرت مُقارنة هوامش ربح المؤسسات الموزعة بالجملة والصيدليات المعتمدة بالمغرب مع تلك المعتمدة في البلدان المعيارية أن هوامش الربح المعتمدة بالمغرب مرتفعة نسبيا.
وتتراوح هوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة، المعتمدة بتركيا، بين 4 %و9 % بالنسبة للأدوية التي يكون ثمن المصنع دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي 222.46 درهما بل ينخفض الهامش إلى 2 % فقط إذا فاق هذا الثمن مبلغ 222.46 درهما.
فيما يتم في فرنسا، تطبيق هامش ربح بنسبة 6,93 % فقط على الأدوية التي يكون ثمن المصنع دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي 4996,09 درهم، مع تطبيق حد أدنى قيمته 3196 درهما وسقف قيمته 340,9 درهما.