سبع سنوات عجاف وأراضي المملكة تحت وطأة الجفاف

ذ.أونونة المهدي

عرفت المملكة المغربية في السنوات السبع الأخيرة، ندرة التساقطات المطرية مع ارتفاع نسبي في درجات الحرارة، الشيء الذي خلق أزمة مائية لامست جميع نواحي الحياة، مما دفع المملكة المغربية إلى اعتبار هذه الأزمة تهديدا وجوديا، عكس ما يعتقده أغلب المواطنين الذين لم يتأثروا بشكل مباشر بالجفاف، خاصة أن ماء الشرب وهو الأهم متوفر.
الجفاف يعني ببساطة شديدة هو أن الواردات المائية أقل بكثير من الإحتياجات.
بالأرقام احتياجات المملكة المغربية من الماء سنويا تقارب 16 مليار متر مكعب، ومنذ سنة 2018 لم نصل إلى هذا الرقم، ففي نفس السنة والتي بدأت فيها ملامح الجفاف تظهر، لم تتجاوز واردات الماء 10 مليار متر مكعب، سنة 2019 بلغت الواردات المائية 2, 7 مليار متر مكعب، سنة 2020 لم تتجاوز 1, 10 مليار متر مكعب وفي سنة 2021 نزلت لتصل 3, 5 مليار متر مكعب، أما سنة 2022 بلغت فقط 9, 1 مليار متر مكعب رقم مخيف وصادم.
أما السنة الفارطة لم تتجاوز وارداتنا المائية 4 مليار متر مكعب.
إلا أن سنة 2020 عرفت اتخاد أول وأهم إجراء بهذا الصدد وهو مشروع ملكي، عبارة عن برنامج استعجالي خاص بالسياسة المائية والذي سماه صاحب الجلالة نصره الله ” البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027″. اعتمد هذا الأخير على أربع نقط أساسية:
1- توسيع القدرة على تخزين الماء۔
2- نقل الماء
3- تحلية مياه البحر
4-إعادت استعمال المياه العادمة

بخصوص المحور الأول المتعلق بالتخزين في سدود المملكة، يهدف البرنامج إلى الإنتقال من تخزين 20 مليار متر مكعب إلى 26 مليار متر مكعب.

أما النقطة الثانية المتعلقة بنقل الماء، تم إحداث ما يسمى بالطرق السيارة المائية كالتي تم إحداثها بين حوض سبو  وحوض أبو رقراق بالرباط سنة 2023 والتي تنقل حوالي 460 مليون متر مكعب سنويا، ومثلها العديد كالطريق السيار المائي بين سد واد المخازن إلى سد خروفة بالشمال.

وبخصوص تحلية مياه البحر كمورد كانت موجودة فعليا، إلا أن السعة الإنتاجية كانت ضعيفة، مما عجل بتشييد أكبر محطة تحلية مياه البحر بأكادير سنة 2022 وسعتها الإنتاجية تصل إلى 100 مليون متر مكعب ثم محطة الدار البيضاء.

أما عن إعادة استعمال المياه العادمة، فهذه العملية تستهدف فقط سقي المناطق الخضراء بمدن المملكة المغربية. للإشارة تكلفة هذا البرنامج الذي يمتد من سنة 2020 إلى سنة 2027 هي 143 مليار درهم.

إضافة إلى كل هذه التحديات المادية، البنوية والزمنية، ترفع المملكة المغربية تحديا آخر من خلال هذا البرنامج الملكي و هو استعمال الطاقة النظيفة حصرا، من أجل تحلية ماء البحر، كالطاقة الشمسية والطاقة الريحية.

من المؤسسات الأكثر استهلاكا للماء على الصعيد الوطني، المكتب الشريف للفوسفاط، ماجعل القائمين عليه يستثمرون بقوة في تحلية مياه البحر والمياه العادمة ذلك بإنشاء أنابيب جوفية وإعداد محطات التحلية في العديد من المدن، إضافة إلى الاستثمار في البحث التكنولوجي في ميدان الماء، مع تقليص المياه المستهلكة في صناعاته.

الفلاحة هو القطاع الأكثر تضررا والأكثر تأثيرا، لوحده فقط، يحتاج لأكثر من %80 من الواردات المائية سنويا۔
كلنا يعرف حق المعرفة أن للجفاف تداعيات كثيرة فهو يؤثر على فرص الشغل وعلى أسعار الخضر والفواكه وعلى المواشي والأغنام وأثمنتها وعلى الصناعات أيضا التي بدورها تحتاج إلى نصيبها من الماء.

إن كل هذه الحلول والجهود المبذولة لا تمنعنا من طرح بعض التساؤلات من قبيل؛ هل الحكومة قادرة على تنفيذ مضامين هذا البرنامج؟ وهل ستلتزم بالحيز الزمني المخصص له؟، ثم هل تملك الشجاعة لتغيير إسترتيجيتها الفلاحية التي استنزفت ثروتنا المائية السطحية والجوفية على مدى سنون عديدة؟، الأيام القادمة وحدها قادرة على الإجابة عن هذه التساؤلات. لعل خطاب العرش الأخير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي تطرق فيه بشكل دقيق لهذا الموضوع، يكون دافعا ملزما للحكومة لاتخاذ التدابير اللازمة لتنزيل هذا البرنامج الطموح الذي يرمي إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي دون استعمال مياه السدود وتحقيق أمن مائي دائم ومستدام.

ليبقى السؤال الأهم، هو هل ستكون هناك محاسبة في حالة الإخفاق في تنزيل هذا البرنامج؟.