منعم أولاد عبد الكريم
تعتبر مدينة مرتيل، التي تنتمي ترابيا إلى عمالة المضيق الفنيدق، من بين أهم مناطق الجذب السياحي بالمغرب خلال فصل الصيف، بالنظر لتوفرها على شاطئ جميل ذو رمال ذهبية يمتد على طول سبع كيلومترات، وتوفرها على كل الخدمات الضرورية التي يحتاجها السائح الداخلي، إضافة إلى قربها من عدة مواقع سياحية أخرى بشمال المغرب كتطوان والمضيق والفنيدق وشفشاون واقشور… وتعرف هذه المدينة التي يبلغ تعداد سكانها القارين حوالي 65 ألف نسمة (إحصاء 2014) توافد أعداد كبيرة من الزوار خلال فصل الصيف بغاية الراحة والاستجمام، يضاعف عدد سكانها بعشرات المرات خلال فترة الذرة، أي شهر غشت، في غياب إحصاءات رسمية. ورغم الدينماية الاقتصادية الخاصة والرواج التجاري الذي يخلقه هذا النشاط السياحي الموسمي، إلا أنه لازالت تعتريه الكثير من الاختلالات والاضطرابات من حيث التنظيم والتدبير.
فرغم كل الجهود المبذولة من طرف جماعة مرتيل والسلطات المحلية والإقليمية بعمالة المضيق الفنيدق من أجل تنظيم وتجويد هذه العملية، لازالت مدينة مرتيل الشاطئية تبدو عاحزة، مع حلول كل موسم صيف، عن الرقي يجودة الخدمات السياحية لمستويات مشرفة، تنأى بها عن الفوضى والارتجال والعشوائية. إن محدودية الإمكانات المرصودة لجماعة مرتيل من أجل تدبير الموسم الصيفي وغياب الرؤية الواضحة والبعد الاستراتيجي والتخطيط المندمج عن هذا التدبير، يجعل فترة الاصطياف، تمر في أجواء مشحونة تتسم عموما بالفوضى والارتباك من حيث تنظيم وضبط المرافق العمومية والخدمات السياحية.
وتتجلى معالم هذه الفوضى أساسا في عدة مستويات اهمها حركة السير والجولان التي تعرف اختناقا كبيرا يصير معه تحريك السيارة في شوارع مرتيل أمرا شاقا ومشنجا للأعصاب، إضافة إلى أن الوضع يصبح خطرا حينما يصير أمر تحرك سيارات خدمات الطوارئ، من إسعاف ومطافئ وشرطة، صعبا للغاية في الحالات التي تتطلب تدخلها. ويعتري التنقل من والى مدينة مرتيل، خلال فصل الصيف عبر وسائل النقل العمومي، صعوبات ومشاكل عديدة، في ظل هذا الازدحام وبطء حركة السير التي تجبر بعض سائقي سيارات الأجرة على مضاعفة ثمن الرحلة.
كما لازال مشكل ركن العربات في شوارع وازقة مرتيل يؤرق بال أصحاب السيارات بالنظر إلى محدودية المرائب المرخصة وضعف قدرتها الاستعابية، مما يضطر المواطنين لركن سياراتهم في أي مكان او الخضوع لابتزازات واستفزازات حراس مواقف السيارات الغير مرخصة، الذين يعمدون إلى استغلال الشوارع العمومية من أجل استخلاص إتاوات غير قانونية مقابل السماح للسائقين بركن سياراتهم. ولقد سجلنا خلال هذا الصيف على عدة حالات مشاحنات بين السائقين وحراس المواقف الغير مرخصة خاصة في أحياء كريمة وميرامار وميكستا، وشارع لالة حسناء ..
من جهة أخرى، يعرف مجال كراء الشقق أيضا نوعا من التسيب بسبب غياب نص جماعي واضح يقنن ويضبط هذا النشاط غير المهيكل، الذي يذر على أصحابه مداخيل مهمة دون ان تستفيد الجماعة الحضارية في شيء من ورائه، رغم انها تصير مطالبة بمضاعفة الجهود من أجل تقديم خدمات تلبي حاجيات زوار المدينة. كما أن انتشار الوسطاء غير القانونيين بشكل كبير صار يضر بصورة المدينة ويجعل المواطنين الوافدين على مرتيل عرضة لممارسات غير مقبولة من ابتزاز ونصب واحتيال. وهو الأمر الذي صار يستدعي بقوة تنظيم وهيكلة هذا النشاط بما يؤمن شروط الراحة والأمان للسياح ويكفل حقوق أصحاب الشقق ويضمن مداخيل للجماعة الحضرية تعينها في تدبير الموسم الصيفي.
وعلى مستوى شاطئ البحر، لازالت العشوائية والارتجال هي السمة البارزة في مرتيل في ظل ضعف جودة خدمات النظافة، رغم المجهودات التي تبدل في هذا الصدد؛ وانتشار كبير لاصحاب كراء المظلات بشكل يزعج راحة المصطافين ويعكر صفو عطلتهم؛ وغياب أنشطة ترفيهية منتظمة ومؤطرة…
كما تعرف الأسواق المحلية بمرتيل خلال الموسم الصيفي مضاربة في الأسعار يؤدي إلى ارتفاعها بشكل كبير، في ظل غياب حملات لمراقبة الاسعار. ونفس الشيء يمكن قوله عن أسعار خدمات المقاهي و المطاعم التي تبقى مرتفعة جدا مقارنة بجودة الخدمات. أما العائق الابرز يظل هو استغلال جل المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم للأرصفة والساحات العمومية، مما يتسبب في عرقلة كبيرة لحركة الراجلين بشوارع المدينة.
وفي اتصال بالمستشار الجماعي عن فريق الأغلبية بجماعة مرتيل، صرح السيد محمد النضير لـ”المساء24″ «أن الرهان بالنسبة لهذه السنة كان هو الحصول على اللواء الأزرق وتجهيز الشاطئ وتنظيمه، لكن نظرا لضيق الوقت وعدم التزام بعض المقاولين وتأخر الأشغال فوت على المدينة هذه الفرصة.» وبخصوص الإجراءات المتخذة لانجاح عملية الاصطياف 2023 ، أضاف نفس المتحدث: «إجمالا يمكن القول أننا كمجلس مسؤول على تدبير وتسيير المدينة قمنا بمجهودات جبارة لانجاح الموسم الصيفي (نظافة جيدة ،تجديد أعمدة الانارة ، تسوية الرمال وننظيفها ، تزيين المدارات والساحات العمومية، تشوير الشاطئ ، تنشيط الموسم الصيفي عن طريق التعريف بالموروث الثقافي للمنطقة الطقطوقة الجبلية.. ، معرض المنتوجات المحلية…)
ورغم هذه المجهودات، لابد من الاستعداد بشكل أفضل خلال الموسم الصيفي المقبل لتقديم منتوج سياحي في المستوى لزوارنا وتحقيق اللواء الأزرق، ان شاء الله.»
من جهته أكد الناشط البيئي والفاعل الجمعوي رشيد الشهيبي لموقع “المساء24” أن مدينة مرتيل عرفت هذه السنة موسما استثنائيا بتوافد مئات الالاف من الزوار مما انعش الحركة التجارية بالمدينة..، كما ثمن من جهته تدخل عدة جهات لإعادة تأهيل كورنيش المدينة وتزيينه، والذي لا زالت اشغال تهيئة شاطئه مستمرة حتى هذه الأيام رغم ان تلك الاشغال ينبغي أن تكون انتهت قبل حلول موسم الصيف، حسب ما صرح به لنا.
ومن ناحية أخرى، سجل رشيد الشهيبي، رئيس جمعية النورس للبيئة والثقافة بمرتيل، تغييب مبدء العدالة المجالية والحفاظ على البيئة، في الاستفادة من الخدمات العمومية، خاصة في مجالات بيئية تجاور تجمعات سكنية ذات كثافة ديمغرافية هائلة، التي لا زالنا نجدها، حسب قوله، محاطة بأحزمة من النفايات والازبال، إضافة إلى انشطة تجارية غير منظمة، في وضع مأساوي يسائل مدى تفعيل العدالة المجالية والبيئية، واندماجية السياسات العمومية، وتنزيل البعد التشاركي بشكل ديمقراطي.
وبخصوص خدمة النظافة، أضاف نفس المتحدث. أن تدبير المرفق العام خصوصا قطاع النظافة يبقى غير ناجع و بدون جودة، ونتيجة عدم فعاليته فهو يساهم في تفاقم الوضع البيئي المزري القائم بعدة أحياء البعيدة عن الواجهة.
وفي ظل كل هذه الاكراهات والاختلالات التي يعرفها تدبير الموسم الصيفي بمرتيل، رغم كل الإمكانات المهمة التي تتوفر عليها هذه المدينة الجميلة، ورغم كل كل الرواج التجاري والحركية السياحية الكبيرة التي تعرفها المدينة خلال هذه الفترة، تبقى مرتيل بعيدة عن بلوغ النجاعة والفعالية والحكامة المنشودة في تدبير موسم الاصطياف، بشكل يعود بالنقع على المدينة وزوارها، ليظل أيضا طموح اللواء الازرق بعيد المنال، حتى إشعار آخر.