غضب المهنيين من سوء تدبير الجمعية الوطنية لمنتجي اللحوم الحمراء

المصطفى باعلي

تصاعدت من جديد حدة انتقادات مهنيي قطاع اللحوم المتذمرين من الجمعية الوطنية لمنتجي اللحوم الحمراء، والتي قالوا إنها تعاني من “سوء التسيير” و”غياب المراقبة” و”المحاسبة” من طرف الوزارة الوصية.

ورغم اعتقال رئيسها السابق للاشتباه في تورطه في عدة قضايا مرتبطة بمهام اعتلاها بمؤسسات مختلفة، لازالت الجمعية الوطنية لمنتجي اللحوم الحمراء يثير موضوع تساؤلات واستفهامات حول طريقة تدبير شؤونها التي تفتقد للشفافية والحكامة الجيدة، وفق ما أكدته تصريحات مصادر مهنية مقربة من الأجهزة التنظيمية للجمعية.

ومن جملة ما تم تصنيفه في خانة الاختلالات، تضيف الرسالة التي توصل بها تقنيو الجمعية برسالة من عاملة بالجمعية، انتهاء تواريخ التأمينات على سيارات الكراء التي يستعملونها في تنقلاتهم أثناء عملهم، ومطالبتها إياهم بركنها وعدم استعمالها، لتعذر أداء مستحقات ثلاثة أشهر لوكالة الكراء بسبب عدم توصل المكتب الجديد للجمعية بوصل الإيداع القانوني، قبل أن يكتشف الجميع بأن تقليص الوكالة لمدة التأمين هذه السنة، وحصرها في ثلاثة أشهر، راحع لعدم توصلها بمستحقات الكراء برسم السنة الفارطة، وليس ثلاثة أشهر الخاصة بهذه السنة.

وأردفت مصادرنا متسائلة “كيف لا يتم أداء السومة الكرائية للسيارات الخاصة بنشاط التلقيح الاصطناعي باعتباره صاحب الأولوية في النفقات، والذي شكل لأزيد من عقد من الزمن عصب الحياة والمصدر الاساسي في مداخيل الجمعية، رغم أنه يتعذر إنجاز مهام التلقيح من دونها؟ الشيء الذي يجعل من مصير أموال التلقيح الاصطناعي مثار شبهات، وموضوع تساؤلات حول أوجه صرفها”.

بل ما يثير الريبة أكثر، تضيف المصادر نفسها، هو التخلي عن العمل بأسطول الجمعية من السيارات، و الذي تم تمويله من طرف الوزارة الوصية منذ 2010 في إطار عقدة البرنامج الموقعة مع الحكومة آنذاك، و اللجوء إلى صيغة الكراء الحالية. وبحسب ما أفادت به ذات المصادر في هذا الإطار، فقد تم التأكيد على أن هذه الصيغة لم تكن محل أي توافق أو قرار من المجلس الإداري، بل حتى صفقة بيع هذه السيارات بداية من سنة 2020، تضيف الجهات نفسها، لم تكن محل إشراك من طرف الأعضاء. 

كما أكدت أن اللجوء إلى هذه الوكالة، هو الآخر لم يسبق أن تم اتخاذ أي قرار بشأنه من طرف المجلس الإداري، و لا علم له بوجود أي صفقة، أو طلب عروض بخصوصه، مما يطرح السؤال عن صاحب المصلحة في تدمير أسطول الجمعية، لفائدة وكالة كراء السيارات، و دون احترام للمساطر القانونية، الشيء الذي يستنفر بنك التساؤلات المحرقة حول الخلفيات الكامنة وراء هكذا إجراءات.

وفي نفس السياق، تضيف مصادر المساء24، أنه منذ كراء هذه السيارات، والمحاسبة تقوم باستخلاص  مبلغ 1300 درهم شهريا، كمساهمة منهم للجمعية على تحمل أعباء كراء السيارات، دون تمكينهم من أي وصل بخصوص هذا المبلغ كوثيقة محاسباتية،  مما يطرح السؤال عن مصير هذه المبالغ أيضا. هذا الاستخلاص، يؤكد، في نظر المصادر، على الأساليب المحاسباتية المشبوهة.

وقالت المصادر إن هذه الممارسات المثيرة للشبهات ربما هي سبب تعمد مسؤولي الجمعية خرق الجموع العامة بهدف التستر على ما وصفتها بالاختلالات الإدارية والمالية التي تطال الشؤون التدبيرية للجمعية، حسب ما أدلى به الدكتور محمد موهوب الكاتب العام السابق للجمعية لموقع المساء24. وهي الجموع التي كانت هي محل طعن في قانونيتها من بعض الأعضاء الذين تم طردهم ومنعهم من حضور أشغال هذه الجموع خوفا من كشفهم لهذه الاختلالات، وفق تفسير المصادر.

وأكدت الجهات نفسها أن المسيرين الحاليين وجدوا أنفسهم الآن أمام ورطة هذه الطعون، مما أجبرهم على اللجوء مجددا إلى محاولة احتواء أصحاب هذه الطعون بعد أن تم تمرير الجموع المشبوهة، ليس حبا فيهم، ولكن من أجل سحب هذه الطعون، حتى يتسنى لهم مواصلة التصرف والتسيير على طريقة سلفهم، والتي عبروا عنها من خلال طريقة عقدهم لهذه الجموع بطريقة منافية للقانون الأساسي للجمعية، حسب تصريح السيد أقبوش النوري، عضو المجلس الإداري سابقا.

كل هذا يتم دون أن تحرك الوزارة الوصية ساكنا، فبالاضافة لغياب أجهزتها الرقابية،  فقد قامت السنة المفرطة بتمكين الجمعية من منحة معرض مكناس والبالغة 2.800.000 درهم، رغم عدم عقد هذه الأخيرة لجموعها العامة، بل حتى أعضاء المجلس الإداري يجهلون كيف تمت إدارة تلك المنحة، وطرق صرفها، والمستفيدين منها، مما يوحي على أن الفوضى التي استسلم لها القطاع والمشاكل التي يتخبط فيها، ما هي إلا نتاج لسوء التسيير و غياب أبسط مقومات الحكامة الجيدة، على حد تعبير المصادر.