أثارت مقتطفات من عرض ألقاه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، الأسبوع المنصرم، حول مشروع قانون تنظيمي يرمي إلى تغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، توعد فيها من وصفهم بالقضاة المتماطلين في البت في الدعاوى القضائية بالمساءلة التأديبية، “أثارت” حفيظة العديد من القاضيات والقضاة، الذين سارعوا إلى الرد عليها عبر تدوينات نشروها إما عبر صفحاتهم الشخصية أو عن طريق الصفحة الرسمية لنادي قضاة المغرب بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك.
ورفض القضاة ما جاء على لسان وزير العدل، وأجمعوا على عدم وجود قاض يسعى لتأخير الملفات من أجل التأخير، موضحة أن تأخير الملفات وطول اجراءاتها الخارجة عن إرادته تزيد القاضي تعبا وعبئا.
وعلقت القاضية هند العمراني الجوطي، عضو بنادي قضاة المغرب، على تهديدات الوزير بالقول “كيف لنا أن نسائل القاضي تأديبيا عن شئ ليس هو الوحيد المسؤول عنه؟!!!..كيف له أن يساءل عن عدالة يصنعها عدة متدخلين من محامين وخبراء وعدول وموثقين وكتاب ضبط …
كيف للقاضي أن يحقق العدالة وهو يتسابق مع الزمن ويغض البصر عن إجراءات كفيلة بتحقيقها، فقط لعدم الوقوع في المحظور؟؟..فعلا السرعة تقتل، لانها في حالتنا هاته ستقتل العدالة لا محالة..”.
فيما اعتبر القاضي عبد الحميد مبركي، في تدوينة له نشرها بالصفحة الرسمية لنادي قضاة المغرب بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، أنه من الصعب جدا إلزام القاضي بالبت في الملف داخل أجل معين، وقال “قد يتصور الأمر نظريا، لكن عمليا تقع أمور تفرض على القاضي منح آجالات قد تظهر انها مجانية و هي في الحقيقة من صميم العدالة. وكمثال يحضرني من عشرات الأمثلة، تلك الحالة التي يلتمس فيها الطرف أو نائبه أجلا إضافيا لأداء صائر الخبرة، ثم أجلا ثانيا، و قد يلتمس أجلا ثالثا -مع استحضار الوضعية الاجتماعية لبعض أطراف الدعاوى- والمحكمة في إطار إيمانها بعدالة المطلب وبضرورة الخبرة لتحقيق العدل، لا تجد بدا من منح آجال لذلك، لكن مع إلزامها بالبت في الملف داخل أجل محدد سلفا، سيبقى هذا متعذرا وستضيع العدالة لا محالة …قس على ذلك إمهال الطرف لتنصيب محام في اطار المساعدة القضائية، والأمثلة كثيرة. من يمارس القضاء ليس كمن ينظر”.
أما القاضي يوسف باجة، فعلق على وعيد الوزير وهبي متسائلا “هل لهذه الدرجة يعتبر القاضي في نظر البعض معطلا للعدالة ومعرقلا لها ؟ هل تم الوقوف حقيقة على اختلالات هذا المحرك الكبير الحقيقية بعيدا عن القضاة الذين لا يتجاوز دورهم تسيير الجلسات وإصدار الأحكام بعد صيرورة الملفات القضائية جاهزة للبت فيها؟
وأضاف مستغربا “ألم تستحضر هذه الجهات السوابق القضائية الدولية، والتي تكاد تجمع على لادستورية ولاقانونية تقييد القضاة بآجال للبت في الملفات وهذا راجع بالدرجة الأولى لاختلاف طبيعة كل ملف على حدى وخصوصياته داخل نفس المادة والشعبة القانونية ؟ اتقوا الله في القضاة والقضاء المغربي، فسوف يأتي يوم قد لا تجدون من يسهر على تسيير جلسات المحاكم بإثقال كاهلهم بمقتضيات مخالفة للدستور وناتجة عن تطبيق قوانين لا ناقة لهم فيها ولا جمل وبعيدون كل البعد عن السهر على تسييرها. بل وتتجافى مع منطق الأمور. فالأولى أن تهتموا بالقضاة بصرف تعويضاتهم التي ينتظرونها لأزيد من ثلاث سنوات وزيادة رواتبهم تحفيزا لهم على الجهد المضني الذي يقومون به، وانتم تعلمون تمام العلم أن أغلبهم تداخلت حياته الخاصة مع الحياة المهنية فأصبح يمضي أكثر من ثمان عشرة ساعة في اليوم وسط أكوام الملفات والمحاضر، أن تسهروا على تعديل قوانين ضامنة لحماية وتأمين صحي ملائم لطبيعة مهامهم، أن تمكنوهم من موارد بشرية كافية لتجهيز الملفات القضائية وتطبقوا نصوص رادعة على جهات أخرى لاتقوم بأدوارها”.
فيما أكدت إيمان امساعد، عضو المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب، أن العمر الافتراضي للبت في القضايا يساهم فيه العديد من المتدخلين، وبالتالي، تضيف امساعد، لا يمكن أن نحمل القاضي طوله في الوقت الذي لم يتم فيه ايجاد حلول حقيقية لمؤسسة التبليغ، وزادت موضحة “القاضي همه تجهيز الملف والفصل فيه احقاقا للحق ولايصال الحقوق لاصحابها في احترام تام للقانون..لذا يجب على الجميع تحمل مسؤولياته”.