مديرية القنيطرة..الدراسة بأقسام الموت وضياع الزمن المدرسي

المساء24

في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة التربية الوطنية مرارا وتكرارا نجاحها في القضاء بشكل تام على أقسام البناء المفكك، لا يزال تلاميذ مدرسة “أولاد اوجيه 1” بمدينة القنيطرة يتابعون دراستهم داخل ثماني حجرات من هذا النوع، والتي سبق لتقارير رسمية أن أثبتت خطورتها على الصحة العامة وارتباطها بمخاطر الإصابة بأمراض سرطانية. المفارقة تكمن في أن مشروع تعويض هذه الحجرات الخطرة بأخرى تم إسناده إلى شركة “Rabat aménagement”، غير أن الأشغال لم تنطلق لأسباب تظل مجهولة، مما يبقي على الخطر قائما في مؤسسة تعليمية تقع ضمن المجال الحضري.

هذا التأخير غير المبرر في مشروع يمس مباشرة بسلامة التلاميذ ليس حادثا معزولا، بل يعكس نمطا من الإخفاق في تدبير مشاريع البنية التحتية التعليمية. وفي فرعية “لقلالشة” التابعة لمجموعة مدارس “العميميين” بالمناصرة، وهي منطقة قروية تابعة لنفس المديرية الإقليمية بالقنيطرة، يدفع التلاميذ ثمنا باهظا لغياب الحجرات الدراسية الكافية. هناك، يفرض على المتعلمين نظام “التوقيت الثلاثي” غير القانوني للسنة الثانية على التوالي، مما يقلص زمنهم الدراسي الأسبوعي من 30 ساعة نظامية إلى 18 ساعة فعلية فقط، وهو ما أدى إلى ضياع كارثي يتجاوز 816 ساعة من التعلمات الأساسية لكل تلميذ.

وتكشف هذه الوقائع عن وجود اختلال مشترك تتحمل مسؤوليته نفس الجهة المنفذة، وهي شركة “Rabat aménagement”، التي تعثرت مشاريعها الحيوية في كل من مدرسة “أولاد اوجيه 1” الحضرية وفرعية “لقلالشة” القروية.

ويطرح هذا الوضع تساؤلات جدية حول فعالية آليات المراقبة والتتبع لدى الجهات الوصية، وعلى رأسها وزارة التربية الوطنية والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط-سلا-القنيطرة والمديرية الإقليمية بالقنيطرة، بالإضافة إلى كل الجهات المحلية المعنية بما في ذلك عامل الإقليم خاصة وأن الشركة ذاتها أتمت بنجاح مشاريع إصلاح وتأهيل مؤسسات أخرى مصنفة كـ”مدارس رائدة” في مناطق حضرية، مما يبرز تفاوتا واضحا في الأولويات وضربا لحق التعليم الدستوري ولمبدأ تكافؤ الفرص.

إن حالة الجمود التي تطبع التعامل مع ملفات تهدد صحة التلاميذ ومستقبلهم التعليمي، تختلف بشكل كبير مع السرعة والفعالية التي أظهرتها نفس الأجهزة الإدارية في تطبيق المقاربة الزجرية. فعلى سبيل المثال، تحركت المساطر الإدارية واللجان المختصة بحزم وسرعة لافتة في قضية أستاذ الدار البيضاء، والتي أفضت إلى قرار توقيفه ثم نهايته المأساوية. هذا التباين يكشف عن ازدواجية مقلقة في الأداء، حيث تتسم الإدارة بالبطء والتردد في تنفيذ مشاريع بناء حيوية، بينما تظهر صرامة ونجاعة في تطبيق الإجراءات العقابية، وهو ما يؤدي في المحصلة إلى المساس المباشر بالحق في تعليم آمن وكامل.

يشار إلى أن فرعية “لقلالشة” ليست الوحيدة بالإقليم التي تعمل بتوقيت منقوص بل هناك عدد كبير من المؤسسات بالإقليم التي يظل زمن الدراسة بها مبتورا بسبب نقص الحجرات.