المساء 24
  • الرئيسية
  • سياسة
    edit post

    العدالة والتنمية يهاجم الحكومة: “تضارب المصالح وعودة منطق التحكم وراء الاحتجاجات الشبابية”

    edit post

    “الاستقلال” يثمن الرؤية الملكية لبناء مغرب متضامن

    edit post

    “البام” يثمن مضامين الخطاب الملكي ويدعو إلى تعبئة جماعية لتنزيل أوراش التنمية

    edit post

    الخطاب الملكي أمام البرلمان..استجابة هادئة لنبض “جيل Z”

    edit post

    الملك يترأس افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة للولاية الحالية

    edit post

    اعتداء على “الحياني” داخل مجلس الرباط يثير استنكار فيدرالية اليسار

    Trending Tags

    • مجتمع
      edit post

      الموظفون الجماعيون يستنجدون بوسيط المملكة لإنصافهم ورفع “التمييز الممنهج” عنهم

      edit post

      انتخاب القاضي “مخوخي” رئيسا للمكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتازة

      edit post

      اعتماد إصلاح جديد لتدبير الشيكات بدون رصيد

      edit post

      تأسيس لجنة وطنية للمطالبة بإطلاق سراح المغاربة المحتجزين لدى الاحتلال

      edit post

      فيدرالية رابطة حقوق النساء تحمل الحكومة مسؤولية وفيات الحوامل

      edit post

      الشبيبة العاملة المغربية تعتبر احتجاجات “جيل Z” صرخة وطنية تستوجب الإصغاء والإصلاح

      edit post

      تأسيس الائتلاف المستقل للدكاترة المعطلين للمطالبة بالكرامة والتوظيف المباشر

      edit post

      نقابة الممرضين تطالب “التهراوي” بإصلاح عاجل لنظام النقل الصحي

      edit post

      اتفاقية شراكة بين هيئة النزاهة والأمن الوطني لتعزيز التعاون في محاربة الفساد

      Trending Tags

      • جهات
        edit post

        مطالب بتحسين الأوضاع البيداغوجية والمادية والديمقراطية بجامعة ابن طفيل

        edit post

        هل تعاقب فجيج لأنها تحتج؟

        edit post

        ورشة تحسيسية حول العنف والمخاطر الرقمية بثانوية مولاي يوسف بالبرنوصي

        edit post

        مستشارو فيدرالية اليسار بمجلس تمارة يستنكرون التأجيل المتكرر لدورة أكتوبر

        edit post

        الـ”بيجيدي” بجهة طنجة ينتقد “تبذير المال العام”

        edit post
        القنيطرة..نقابة تدين الاعتداء على ممرضين بمستوصف “الحاج منصور”

        القنيطرة..نقابة تدين الاعتداء على ممرضين بمستوصف “الحاج منصور”

        Trending Tags

        • تربية وتعليم
          edit post

          أزمة القراءة… ما بين النص والتناص

          edit post

          تارودانت..المديرية الإقليمية توضح بشأن فيديو متداول حول وضعية مدرسة ب”أهل تفنوت”

          edit post

          “برادة” يؤكد استمرار تعميم مدارس وإعداديات الريادة

          edit post

          وزارة التربية تلزم الأكاديميات بضمان بقاء التلاميذ داخل المؤسسات خلال منتصف النهار والساعات الفارغة

          edit post

          نقابة تنتقد تنتقد غياب المديرة العامة للمؤسسة المغربية للتعليم الأولي عن اجتماع رسمي

          edit post

          المدرسة..ما بين دعم حرية التفكير والابتكار وتكريس النمطية والسلبية

          Trending Tags

          • حوادث
            edit post
            طنجة..توقيف مهاجر إفريقي متلبس بحيازة وترويج الأقراص المهلوسة

            طنجة..توقيف مهاجر إفريقي متلبس بحيازة وترويج الأقراص المهلوسة

            edit post

            كوموندو أمني يطيح ببارون مخدرات خطير بمولاي بوسلهام ويحجز سلاحين ناريين

            edit post

            سيدي سليمان..سبعة قتلى في حادثتين متفرقتين خلال أقل من 24 ساعة

            edit post

            لجنة الحقيقة والمساءلة تكشف معطيات جديدة في قضية مقتل الراعي “بويسلخن”

            edit post

            سوق أربعاء الغرب..حملة أمنية واسعة تسفر عن توقيف عدد من المبحوث عنهم

            edit post

            سلا..شرطي يطلق رصاصة لتوقيف جانح هاجم الأمن بالسلاح الأبيض

            Trending Tags

            • اقتصاد
              edit post

              المقاولات الصغرى بين التحديات والفرص

              edit post

              المكتب النقابي الموحد بسامير يطالب بإنقاذ المصفاة وإعادة تشغيلها

              edit post

              المغرب يشارك في المؤتمر العالمي للصناعة التحويلية 2025 بالصين

              edit post

              صادرات الصناعة التقليدية تحقق نموا بـ14%

              edit post

              الحرف المغربية في قلب معرض التصميم والأثاث بالرياض 2025

              Trending Tags

              • ثقافة وفن
                edit post

                المصادقة على على عريضة إحداث “المعهد الجهوي للسمعي البصري والمهن السينمائية” بخريبكة

                edit post

                “لا فاش”.. جديد فرقة مسرح الحال على خشبة مسرح محمد الخامس بالرباط

                edit post

                وجدة..الاستعداد لافتتاح صرحين ثقافيين بعد استكمال أشغال التهيئة

                edit post

                خريبكة: سبعة أفلام قصيرة تتنافس في ملتقى سينما المجتمع

                edit post

                افتتاح فعاليات الدورة 24 للمهرجان الوطني لفن عبيدات الرما بخريبكة

                edit post
                الدار البيضاء تحتضن المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار

                الدار البيضاء تحتضن المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار

                Trending Tags

                • رياضة
                  edit post

                  الكاف تمدد فترة اعتماد الصحفيين لتغطية كأس الأمم الإفريقية “المغرب 2025”

                  edit post

                  مونديال تشيلي للشباب..المغرب يعبر إلى ربع النهائي

                  edit post

                  القاهرة تحتضن نهائي كأس السوبر الإفريقي بين بيراميدز ونهضة بركان

                  edit post

                  نهضة بركان ينجو من الهزيمة وحسنية أكادير والدشيرة يحققان الأهم

                  edit post
                  الوداد يعتلي الصدارة والفتح يحقق أول فوز والمغرب الفاسي والكوكب يقتنصان التعادل

                  الوداد يعتلي الصدارة والفتح يحقق أول فوز والمغرب الفاسي والكوكب يقتنصان التعادل

                  edit post

                  الكشف عن “TRIONDA” الكرة الرسمية لمباريات كأس العالم 2026 “FIFA”

                  Trending Tags

                  • مقالات الرأي
                    edit post

                    إشكالية تحويل الأموال والاستثمار الخارجي للمغاربة: التحديات والرهانات

                    edit post

                    صرخة وراء الشاشات، وتحولات تتحدى المألوف

                    edit post

                    جيل Z.. بين الحقيقة ومحاولات التضليل

                    edit post

                    جيل شبابي جديد يحتاج إلى نخب جديدة وسياسة جديدة

                    edit post

                    إشكالية تحويل الأموال والاستثمار الخارجي للمغاربة: التحديات والرهانات

                    edit post

                    التَّجْوِيع جَرِيمَة حَرْبٍ، وصِرَاعٌ مِن أَجْلِ البَقَاءِ (قِرَاءةٌ في مَأْسَاةِ غَزَّةَ)

                    edit post

                    جرائم المال العام بين المساءلة والجزاء إشكالية إقصاء النيابة العامة من تحريك الدعوى العمومية في ضوء الدستور المغربي

                    edit post

                    بناء رؤية جديدة للسلام بطرح الهوية الصحراوية الحسانية..ودور الثقافة في تعزيز قيم المشترك الإنساني للسلام من خلال الثقافة الحسانية

                    Trending Tags

                    • المساء24 TV
                      edit post

                      “فيديو” المساء24 ترصد لحظة غرق سفينة “جوني إم” ضمن أسطول الصمود العالمي

                      edit post

                      “فيديو” نقابة المياه والغابات تحذر من احتقان غير مسبوق وتطالب بتفعيل اتفاق 6 مارس

                      edit post

                      “فيديو” سفينة “أنس الشريف” التي تضم مغاربة تواصل شق البحر نحو غزة بعد إصلاح عطل أصابها

                      edit post

                      هذه أبرز معالم قانون الإضراب الذي سيدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل

                      edit post

                      القنيطرة..وقفة احتجاجية أمام مديرية السكنى ضد الفساد في برامج إعادة الإيواء “فيديو”

                      edit post

                      خنيفرة..احتجاج ساكنة دوار “إبيغلان” بجماعة “كروشن” دفاعا عن حصتهم من مياه نهر بالمنطقة “فيديو”

                      Trending Tags

                      • برامجنا
                      No Result
                      View All Result
                      • الرئيسية
                      • سياسة
                        edit post

                        العدالة والتنمية يهاجم الحكومة: “تضارب المصالح وعودة منطق التحكم وراء الاحتجاجات الشبابية”

                        edit post

                        “الاستقلال” يثمن الرؤية الملكية لبناء مغرب متضامن

                        edit post

                        “البام” يثمن مضامين الخطاب الملكي ويدعو إلى تعبئة جماعية لتنزيل أوراش التنمية

                        edit post

                        الخطاب الملكي أمام البرلمان..استجابة هادئة لنبض “جيل Z”

                        edit post

                        الملك يترأس افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة للولاية الحالية

                        edit post

                        اعتداء على “الحياني” داخل مجلس الرباط يثير استنكار فيدرالية اليسار

                        Trending Tags

                        • مجتمع
                          edit post

                          الموظفون الجماعيون يستنجدون بوسيط المملكة لإنصافهم ورفع “التمييز الممنهج” عنهم

                          edit post

                          انتخاب القاضي “مخوخي” رئيسا للمكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتازة

                          edit post

                          اعتماد إصلاح جديد لتدبير الشيكات بدون رصيد

                          edit post

                          تأسيس لجنة وطنية للمطالبة بإطلاق سراح المغاربة المحتجزين لدى الاحتلال

                          edit post

                          فيدرالية رابطة حقوق النساء تحمل الحكومة مسؤولية وفيات الحوامل

                          edit post

                          الشبيبة العاملة المغربية تعتبر احتجاجات “جيل Z” صرخة وطنية تستوجب الإصغاء والإصلاح

                          edit post

                          تأسيس الائتلاف المستقل للدكاترة المعطلين للمطالبة بالكرامة والتوظيف المباشر

                          edit post

                          نقابة الممرضين تطالب “التهراوي” بإصلاح عاجل لنظام النقل الصحي

                          edit post

                          اتفاقية شراكة بين هيئة النزاهة والأمن الوطني لتعزيز التعاون في محاربة الفساد

                          Trending Tags

                          • جهات
                            edit post

                            مطالب بتحسين الأوضاع البيداغوجية والمادية والديمقراطية بجامعة ابن طفيل

                            edit post

                            هل تعاقب فجيج لأنها تحتج؟

                            edit post

                            ورشة تحسيسية حول العنف والمخاطر الرقمية بثانوية مولاي يوسف بالبرنوصي

                            edit post

                            مستشارو فيدرالية اليسار بمجلس تمارة يستنكرون التأجيل المتكرر لدورة أكتوبر

                            edit post

                            الـ”بيجيدي” بجهة طنجة ينتقد “تبذير المال العام”

                            edit post
                            القنيطرة..نقابة تدين الاعتداء على ممرضين بمستوصف “الحاج منصور”

                            القنيطرة..نقابة تدين الاعتداء على ممرضين بمستوصف “الحاج منصور”

                            Trending Tags

                            • تربية وتعليم
                              edit post

                              أزمة القراءة… ما بين النص والتناص

                              edit post

                              تارودانت..المديرية الإقليمية توضح بشأن فيديو متداول حول وضعية مدرسة ب”أهل تفنوت”

                              edit post

                              “برادة” يؤكد استمرار تعميم مدارس وإعداديات الريادة

                              edit post

                              وزارة التربية تلزم الأكاديميات بضمان بقاء التلاميذ داخل المؤسسات خلال منتصف النهار والساعات الفارغة

                              edit post

                              نقابة تنتقد تنتقد غياب المديرة العامة للمؤسسة المغربية للتعليم الأولي عن اجتماع رسمي

                              edit post

                              المدرسة..ما بين دعم حرية التفكير والابتكار وتكريس النمطية والسلبية

                              Trending Tags

                              • حوادث
                                edit post
                                طنجة..توقيف مهاجر إفريقي متلبس بحيازة وترويج الأقراص المهلوسة

                                طنجة..توقيف مهاجر إفريقي متلبس بحيازة وترويج الأقراص المهلوسة

                                edit post

                                كوموندو أمني يطيح ببارون مخدرات خطير بمولاي بوسلهام ويحجز سلاحين ناريين

                                edit post

                                سيدي سليمان..سبعة قتلى في حادثتين متفرقتين خلال أقل من 24 ساعة

                                edit post

                                لجنة الحقيقة والمساءلة تكشف معطيات جديدة في قضية مقتل الراعي “بويسلخن”

                                edit post

                                سوق أربعاء الغرب..حملة أمنية واسعة تسفر عن توقيف عدد من المبحوث عنهم

                                edit post

                                سلا..شرطي يطلق رصاصة لتوقيف جانح هاجم الأمن بالسلاح الأبيض

                                Trending Tags

                                • اقتصاد
                                  edit post

                                  المقاولات الصغرى بين التحديات والفرص

                                  edit post

                                  المكتب النقابي الموحد بسامير يطالب بإنقاذ المصفاة وإعادة تشغيلها

                                  edit post

                                  المغرب يشارك في المؤتمر العالمي للصناعة التحويلية 2025 بالصين

                                  edit post

                                  صادرات الصناعة التقليدية تحقق نموا بـ14%

                                  edit post

                                  الحرف المغربية في قلب معرض التصميم والأثاث بالرياض 2025

                                  Trending Tags

                                  • ثقافة وفن
                                    edit post

                                    المصادقة على على عريضة إحداث “المعهد الجهوي للسمعي البصري والمهن السينمائية” بخريبكة

                                    edit post

                                    “لا فاش”.. جديد فرقة مسرح الحال على خشبة مسرح محمد الخامس بالرباط

                                    edit post

                                    وجدة..الاستعداد لافتتاح صرحين ثقافيين بعد استكمال أشغال التهيئة

                                    edit post

                                    خريبكة: سبعة أفلام قصيرة تتنافس في ملتقى سينما المجتمع

                                    edit post

                                    افتتاح فعاليات الدورة 24 للمهرجان الوطني لفن عبيدات الرما بخريبكة

                                    edit post
                                    الدار البيضاء تحتضن المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار

                                    الدار البيضاء تحتضن المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار

                                    Trending Tags

                                    • رياضة
                                      edit post

                                      الكاف تمدد فترة اعتماد الصحفيين لتغطية كأس الأمم الإفريقية “المغرب 2025”

                                      edit post

                                      مونديال تشيلي للشباب..المغرب يعبر إلى ربع النهائي

                                      edit post

                                      القاهرة تحتضن نهائي كأس السوبر الإفريقي بين بيراميدز ونهضة بركان

                                      edit post

                                      نهضة بركان ينجو من الهزيمة وحسنية أكادير والدشيرة يحققان الأهم

                                      edit post
                                      الوداد يعتلي الصدارة والفتح يحقق أول فوز والمغرب الفاسي والكوكب يقتنصان التعادل

                                      الوداد يعتلي الصدارة والفتح يحقق أول فوز والمغرب الفاسي والكوكب يقتنصان التعادل

                                      edit post

                                      الكشف عن “TRIONDA” الكرة الرسمية لمباريات كأس العالم 2026 “FIFA”

                                      Trending Tags

                                      • مقالات الرأي
                                        edit post

                                        إشكالية تحويل الأموال والاستثمار الخارجي للمغاربة: التحديات والرهانات

                                        edit post

                                        صرخة وراء الشاشات، وتحولات تتحدى المألوف

                                        edit post

                                        جيل Z.. بين الحقيقة ومحاولات التضليل

                                        edit post

                                        جيل شبابي جديد يحتاج إلى نخب جديدة وسياسة جديدة

                                        edit post

                                        إشكالية تحويل الأموال والاستثمار الخارجي للمغاربة: التحديات والرهانات

                                        edit post

                                        التَّجْوِيع جَرِيمَة حَرْبٍ، وصِرَاعٌ مِن أَجْلِ البَقَاءِ (قِرَاءةٌ في مَأْسَاةِ غَزَّةَ)

                                        edit post

                                        جرائم المال العام بين المساءلة والجزاء إشكالية إقصاء النيابة العامة من تحريك الدعوى العمومية في ضوء الدستور المغربي

                                        edit post

                                        بناء رؤية جديدة للسلام بطرح الهوية الصحراوية الحسانية..ودور الثقافة في تعزيز قيم المشترك الإنساني للسلام من خلال الثقافة الحسانية

                                        Trending Tags

                                        • المساء24 TV
                                          edit post

                                          “فيديو” المساء24 ترصد لحظة غرق سفينة “جوني إم” ضمن أسطول الصمود العالمي

                                          edit post

                                          “فيديو” نقابة المياه والغابات تحذر من احتقان غير مسبوق وتطالب بتفعيل اتفاق 6 مارس

                                          edit post

                                          “فيديو” سفينة “أنس الشريف” التي تضم مغاربة تواصل شق البحر نحو غزة بعد إصلاح عطل أصابها

                                          edit post

                                          هذه أبرز معالم قانون الإضراب الذي سيدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل

                                          edit post

                                          القنيطرة..وقفة احتجاجية أمام مديرية السكنى ضد الفساد في برامج إعادة الإيواء “فيديو”

                                          edit post

                                          خنيفرة..احتجاج ساكنة دوار “إبيغلان” بجماعة “كروشن” دفاعا عن حصتهم من مياه نهر بالمنطقة “فيديو”

                                          Trending Tags

                                          • برامجنا
                                          No Result
                                          View All Result
                                          المساء 24
                                          No Result
                                          View All Result
                                          • الرئيسية
                                          • سياسة
                                          • جهات
                                          • مجتمع
                                          • تربية وتعليم
                                          • حوادث
                                          • اقتصاد
                                          • ثقافة و فن
                                          • رياضة
                                          • مقالات الرأي
                                          • المساء 24 TV
                                          • برامجنا
                                          Home على مدار 24

                                          مسؤولية الاختيار

                                          1 مارس، 2025
                                          in على مدار 24, مجتمع
                                          0
                                          مسؤولية الاختيار

                                          أيوب بولعيون

                                          لا يمكننا أبدا نكران أو تجاهل قيمة الحرية عند الإنسان، فهو حر ضمن الظروف والشروط التي تحيط به وتقع تحت تصرفه، وهذه الحرية هي إحدى تجليات المسؤولية التي يتحملها والأمانة التي يحملها (إِنّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا) الأحزاب 72 .

                                          لا نعني بالحرية في هذا المقام شكلا من أشكال العصيان والتمرد والفوضى والانفلات ورفض القوانين، فهو تضييق مُخل بمفهوم فلسفي غني، حُق له أن يؤخد مأخذ الجد في التفكير والطرح المنطقي، ويُوضع موضع العناية والتأمل في النقاش، فكل تحريف أو تضليل أو فهم خاطئ للمفاهيم التي تشكل المرتكزات الكبرى لحياتنا، ينتج عنه أساسا انحراف في التفكير والتبرير، ما يؤدي أساسا إلى مسلكيات خاطئة مُشوَّهة .

                                          إن الحرية التي تستقي معناها من أنوار العقل، لا يمكن إلا أن تحيل إلى معاني دقيقة وعميقة تتجاوز كل التعريفات و التصورات الطفولية والقوالب المبتذِلة التي تُحولها إلى سلعة استهلاكية رائجة في السوق، يتم التهافت حولها لشرائها بثمن بخس، هذا التحويل الذي شوَّه أعظم وأنبل قيمة في الوجود الإنساني، هو سبب الجرائم والانتهاكات التي تُرتكب في حق الإنسان والحياة باسم “الحرية”، هذا التمثال التي تبرر عليه أشنع الوقاحات و المصائب و الكوارث الانسانية والحروب البشعة ، وكل الشهوات والرغبات المدفونة و النزعات التدميرية الكارهة للحياة التي تختبئ وراء رداء الحرية، فكل ممارسة لا ترقى لمستوى الإنسان الحُر الراشد، هي ممارسة ذات خلفية مُغرضة مجهولة كانت أو معلومة عند صاحبها، أو أنها تتم تحت القهر وغريبة عن الفعل الإنساني المبادر، يكون هدفها إشباع نزوات وغرائز بشرية أو جني مكاسب مادية ودافعها الطمع والشهوة، دون مراعاة الحدود القائمة وذاك الخيط الرفيع الفاصل بين الإنسان والحيوان ،كل ذلك تحت شعار ” أنا الحرية”!. إن كل انتهاك لحرمة وقداسة وأمانة الحرية أو أية قيمة إنسانية أخرى هو في الوقت نفسه ومن حيث النتائج التابعة له، انتهاك لحُرمة الإنسان.

                                          لِنطرح سُؤالا : هل حُرية الاختيار التي تطبع الوجود الانساني تعني الانفلات وغياب كل معاني الرقابة و المحاسبة و الجزاء؟ أم أن الحرية الإنسانية في حد ذاتها برهان على المسؤولية و وجود ما يضع لهذه الحرية حدودا منطقية؟
                                          إن كل من ينادي ويتغنى بالحرية كنفي لكل قيد أو حدود، يضع نفسه في مفارقة محرجة، فمفهوم الحرية لا يتحدد معناه ولا يكتمل مغزاه إلا بوجود مرجع خارجي ( الأسرة، الأعراف، المجتمع، القانون، الله، الرئيس، الأخلاق …) يحددها ويؤصلها، فحين أقول أنا حر، أكون حرا إزاء ماذا ؟. هذا المعنى الثاوي المتضمِّن يُحيلنا إلى أن نشدان الحرية هو إذن اعتراف ضمني بوعي أو بدونه بوجود كل ما يجعل هذه الحرية مقيدة ومضبوطة، خاضعة لشروط محددة، حتى تؤدي وظيفتها التي وجدت لأجلها، وهي الحيلولة بين الإنسان و بين الحيوانية، فلو كانت الحرية إطلاق كل الغرائز والتصرف بمنطق الهوى ، لكان الحيوان بذلك أجدر وأحق بها، ولسُميت باسم الغرائزية بدل الحرية ! فلا يمكننا وصف الحيوان أنه حر أو مسؤول، لأنه بلا عقل يرسم له الحدود الفاصلة والطرق الواصلة، ويسن له القوانين والأنظمة والقواعد، يحدد له القيم ويحركه من الأمام، فالغريزة بوصلته الوحيدة التي تشتغل آليا بالمثيرات المحددة زمانيا ومكانيا، حيث تتكفل بقيادته وتوجيهه على نحوٍ يحفظ له البقاء والاستمرار في الحياة، فهو مدفوع من الوراء و لا تهمه الثقافة ولا الأخلاق ولا إنتاج شيء ذو قيمة حضارية، إنه حيوان راضٍ بهويته الثابتة كحيوان ولا يريد أن يعاند القدر و يصبح شيئا آخر . في مقابل هذا يعيش الإنسان المحكوم بالحرية تحت مجموعة من القواعد الاجتماعية و الأخلاقية والقيمية التي ينشأ عليها منذ الطفولة، وتشكل الحرية عنده تحدٍّ في بناء هُويته والحفاظ عليها من التصدع والفشل، حيث يولد فيتعلم و يكتسب وينضبط تحت تأثير الثقافة والعقل لكي يصير إنسانا و عضوا ديناميا فاعلا بحريته داخل المجتمع الإنساني، ويسهم من موقعه في إغناء الحياة، وهنا يتميز عن الحيوان.

                                          إن الحرية التي تُظل حياة الإنسان بظلالها الوارفة، تلكم الشجرة المباركة والأمانة الثقيلة، ليست وصفة جاهزة بطرق بسيطة، ولا احتفالا أو عطية من العطايا المادية التي تُستهلك في فترة من الإنتشاء اللحظي والفرح الطفولي، إنها ليست قطعة حلوى تُهدى، و لكنها اختبار حقيقي طويل المدى، يبدأ منذ أن يعي الإنسان حريته وفرديته بفعل ما يسلكه من مسالك تعود عليه بنتائج متباينة، وما ينتخبه من أفكار ومعاني ورؤى وأديان و معتقدات، أذواق، أخلاقيات، قيم، سلوكيات، …. فهي ليست مُعطى مسبق، و لكن عمل يُبنى عبر مخاض و تجربة حياتية غنية، ممارسة ومعايشة، نمو مستمر واكتشاف، مِران و تدريب، بحث فضولي ومخاطرة، هكذا تكون في المُحصلة استحقاق عن جدارة. عبر هذا المسار الطويل و الرحلة المُتعبة الممتعة التي يخوض غمارها الإنسان، يَخبُر ويعيش هذا الأخير حريته على نحو ما ترسمه الأوضاع الاجتماعية و السياسية و الثقافية في بيئته، و قد يحاول بإرادته تجاوز هذه الحدود التي تضع لفرديته سقفا معين، وذلك بدافع اكتشاف نفسه التواقة للحرية وإيجاد بعض الأجوبة على أسئلته الوجودية . هذه الرحلة التي تُعد اختيار إنساني لإثبات إمكانية المشاركة في ملحمة الحرية والخروج من الأمان الزائف الوهمي وكل أشكال التقهقر للوراء. هذه التجربة التي يحركها ويثريها كل من الخطأ و الصواب، الأصالة والزيف، الرشد و الضلال، الكبت والاشباع، الوهم والحقيقة، التملك و الكينونة، النضج والطيش، الألم واللذة، السعادة والحزن، المعرفة و الجهل، الخير و الشر، الحلال والحرام، العقل و الغريزة، الطبيعة و الثقافة، الخوف والشجاعة، السلم و الحرب، الحركة والسكون، الليل والنهار، البناء و الهدم، القوة والضعف، الفوز و الخسران، الشرك و التوحيد، الرذيلة و الفضيلة، الحق والباطل، الملاك والشيطان، الجسد والروح، الاتحاد و الانفصال، الانتصار و الانهزام، الإيمان و الكفر، الحياة و الموت، الخلود و الفناء، الوجود والعدم، …بهذه الثنائيات و التقابلات التي تشكل جوهر الصراع والتدافع بين القوى داخل حلبة وجودنا ، تتخصب التجربة البشرية و تُستخلص منها عصارتها، بحيث يتأرجح الإنسان بين ضدين باحثا عن نفسه، عن الانسجام والتوافق والاتحاد مع العالم والآخرين بتجربة فردية مثمرة، ليكتب هنا قصته بريشة الحرية، ويعطي المعنى لحياته، يُبدع ما هو عليه و يصنع هُويته، إذن فالكائن الانساني المالك لإرادة الحرية، يختار ما سيكون عليه، يشارك من موقعه في صناعة قدره، بالتأثير والتأثر، بالتفاعل والإنفعال عبر الأفعال الخلاقة التي تتجاوز تلك الردود الميكانيكية الحيوانية ، وذلك في المجال الذي يتحرك ويملك فيه قدرة الفهم، الافتراض والإستشراف التنبؤ والنظر العقلي ، بالتالي فكل الخيارات والقرارات المُتخذة سواء كان ذلك وفق حسابات عقلية، أو إشباعا لشهوات مُشوِشة أو في أية ظروف أخرى ستؤول في النهاية إلى نتيجة و مصير محدد، على الإنسان أن يمتلك شجاعة تقبله و مواجهته بالاعتراف أولا، وهذا قد يؤهله لتغييره، واستثماره بغاية الاقتراب أكثر إلى تقليص الهوة بين الحرية والمسؤولية، بين ذاته الراغبة المريدة والواقع الموضوعي كما هو دون تشويه .
                                          قد يبادرنا سؤال جوهري هنا : هل من مرجعية صلبة تحكم خياراتنا أم أنها خاضعة منقادة لما تُمليه الرغبات المتضاربة و الميولات المنفلتة؟
                                          بالرجوع إلى منظومتنا الفكرية التي يُعتبر القرآن الكريم مرجعا أساسيا لها، وعمودا من أعمدتها، فإن الحرية لها من الأهمية البالغة بمكان في قضية الإيمان أو الكفر، الهدى أو الضلال، التوحيد أو الشرك، إذ لا معنى حقيقي لأية عبادة أو معتقد بغياب الحرية، وكل إله يُعبد تحت القمع والإكراه وفي ظروف تغيب فيها الحرية هو إله زائف، خواف، همُّهُ السيطرة و التحكم في الآخرين وليس الهداية والإرشاد، حيث يفتقد لكل معاني الألوهية و الربوبية الجديرة بالاعتراف بها، فالايمان والتوحيد الحق هو النابع أساسا من قناعة و إرادة الشخص المؤمن، وليس خضوعا سلبيا لما اتفق عليه الناس وتوارثوه، إنها قضية اختيار وليست إجبار. لا يعني هذا أن الإيمان هنا يتم بشكل دفعي فجائي و لكن عبر نتائج معينة آلت إليها التجارب و الخبرات. لكي يكون الإيمان قويا لا يجب أن يكون بالقوة، بل بالقناعة والبرهان. يقول الشاعر الهندي طاغور ” أنا أؤمن بالله وأعبده لأنه أعطاني الحرية أن أكفر به”. (قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ) الحجرات الآية 14. وفي سورة البقرة (لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ) . في سوره الكهف الآية 29 (وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ) . الحرية إذن لها الأولوية لأنها الوجه الآخر للمسؤولية، و إعلان واضح للحق والباطل.
                                          من داخل هذه المنظومة القرآنية الشاملة يخضع هذا الاختيار الذي يشكل ثروة للتجربة الإنسانية إلى عدة معايير و قيم و ضوابط، فبما أنه امتداد للعقل و الحرية فلا يمكن إلا أن يكون تابعا لهما، مستجيبا لأوامرهما. العقل هنا ليس ولدا عاقا منحرفا، وإنما رفيقا ناضجا يهتدي بنوره إلى الحقائق التي قررها الوحي الالهي، أما الحرية فليست “تمثالا” أو مزارا سياحيا أو شاطئا صيفيا أو ناديا ليليا أو لباسا مُلطخا أو شعارا لحزب مُغرض أو تبريرا لمظاهر الانسلاخ والانحطاط الحضاري الذي نزل بالإنسان للحضيض وأسفل الدركات، ليست تمردا على القانون، ولا نزوعا إلى الحيوانية. بل عكس ذلك تماما، إنها جهد وقوة داخلية، جرأة الوقوف على حافة الانهيار دون الاستسلام لغواية السقوط، شجاعة احتضان الاقطاب المتصارعة، هي العمل الجاد الذي ينشد الغايات الكبرى و القيم العليا التي تمد الإنسان القوة ليتجاوز نفسه، الوسيلة التي يحقق بها ذاته للوصول بها إلى مدارج التكامل. إنها ليست شيئا ناجزا جاهزا يُقدم على طبق من ذهب، وإنما طريق يتحقق و يتشكل و ينطبع بفرادة صاحبها. اقتحام للعقبة وليست ارتباك و تعثر. الحرية هي القدرة على التحكم في جميع الإكراهات الغرزية فينا والاستجابة لصوت العقل الحر الذي يسعى لإلجام كل ما يشتغل بشكل اضطراري .
                                          على ضوء هذه الدلالات التي ينتجها كل من العقل والحرية في تفاعلهما المستمر، على الإنسان أن يتحمل مسؤولية اختياراته ومسلكياته.
                                          الاختيار مسؤولية نتحملها، وعلينا أن نؤمن و نتيقن من هذه الحقيقة جيدا دون مراوغة، إذ لا إنسان بدون مسؤولية، ولا شيء بدون ثمن، إلى جانب ضرورة الوعي بِخدعة التبريرات التي نقدمها أحيانا حين نجد أنفسنا أمام حقيقة الأمر؛ مسؤوليتنا، وبأنها ليست إلا آليات هروبية فاشلة، لا يمكنها أبدا أن تخطو بنا خطوة واحدة نحو الفهم والنضج بحقائق العالم الموضوعي المنفصل عن نرجسيتنا وأوهامنا المريحة التي تشكل منظورا ضيقا عاجز عن الرؤية الشاملة. إن كل إنسان يتملص من المسؤولية كواجب أخلاقي هو كائن جبان، يهرب من حريته ويرتجف منها، غير قادر على التقويم و الاعتراف والإصلاح والتطور. إنه موقف الطفل الذي لم ينضج، لم يتعلم بعد تحمل المسؤولية، قاصر، لا يفهم الأمور، هناك من ينوب عنه دائما في كل المواقف و الحالات، لا يمكن وضعه تحت القوانين، لأنه لم يصل بعد للسن الذي يدرك فيه عواقب الأمور، فهو بالتالي لم يرشد، لم يتعقل بعدُ، ولم يصل للمرحلة التي توجب علينا إشراكه مع البالغين الراشدين و كل الالزمات التي يتصرفون وفقها في الأقوال و الأفعال. ألا يعني بعد هذا الوصف للقاصر اللامسؤول أن الذي يتخذ موقف الهارب يضع نفسه في موقف لا يرضاه أي إنسان حر مستقل؟ إِن هذا السلوك المُتبع إنما يشير إلى أَن صاحبه لا يريد أن يكبر و ينضج ويستقل، يرفض ذلك بشدة وعناد طفولي، يتعلق بالعالم كما يتعلق بأمه، إنه يلتذ أكثر أن يكون صغيرا، طفلا، رضيعا يتلقى كل الدفء والحب دون الوعي بحاجات الآخرين من حوله، يفضل أن يكون تحت مسؤولية الآخرين بمنأى عن المسائلة، يقفز ويمرح و يلهو، لا يريد أن يستوعب القوانين، لأنها تقيده، لا يهمه الانضباط وأداء ثمن الحرية التي يتمتع بها، بل يريد أن يتصرف على هواه دون مراعاة حقوق الغير، ويختار ما يراه هو مصلحة، هذا الاختيار الذي يعطيه نشوة السيطرة و الهيمنة، النشوة التي تجعله يُمارس حريته على نحو خاطئ، لأنه يفتقد للمعرفة و الرؤية الواضحة تجاه وجوده ومستلزمات العيش المشترك الذي يُجلي الكامن فينا، وهو على هذه الحالة لا يرى إلا نفسه بعين واحدة، ولم يصبح بعد إنسانا مستقلا.
                                          من بين تجليات هذه المسؤولية المقرونة بالحرية في الدين الإسلامي، هي بيان الله عز وجل لطريق الهلاك و الفساد و الدمار و الخسران خير بيان، في مقابل سبيل النجاة و الصلاح والفوز واتباع الحق وكل القيم النبيلة التي تخدم الاستخلاف في الأرض و عمارتها، وتوحيد الله الواحد الأحد و نبذ الشركيات و الأوثان والأصنام والخرافات، وذلك بإرسال الرسل والأنبياء والصالحين لهداية الناس لنور الله، وإخراجهم من الظلمات والضلالات المُهينة لخليفة الله، حتى لا يكون للناس على الله حجة أو اعتراض يوم الحساب، ولكي تتحقق حكمة الله في الابتلاء و الاختبار وهب الله للإنسان الحرية والإرادة، حتى يكون اتباع الحق والاستجابة لله متمخض عن صراع في مجال حقيقي تحركه الاقطاب المتضادة و النوازع، هذه المكابدة التي تجعل من خيار الإنسان جديرا بنيل النجاة و الفوز الدنيوي والأخروي، فلو كانت استجابة الإنسان آلية لما كان للحياة معنى و كل ما يدور في فلكها من شرور ومعاناة، و لمَا كان هناك ما يدعو للعمل والاجتهاد و الكدح، فالتدافع و التناقض الحاصل في الطبيعة البشرية إنما هو شرط ضروري من شروط التكامل الإنساني والوصول به لفهم أسرار الوجود البشري، هذا الوجود المتشابك الغني الخصب الذي يحركه الشوق للحرية. نفهم إذن أن التقرير القرآني الذي أكد على مبدأ الحرية في عدد من المواضع لا يعني حالة من التسيب والعبثية، أو إضفاء نوع من الشرعية والمِصداقية على كل طريق و مسلك كيفما كان، كما لا يعني غياب الحق و الصواب، فهذا ينتفي تماما مع مقصود الله و روح القرآن و مفهوم العقل الناضج المتصالح مع مقتضيات الوحي الالهي، وإنما الحرية هنا كحق من الحقوق التي جعلها الله من لوازم تحقيق الأصالة النابعة من تجربة الخطأ و الصواب التي تخصب و تثري المسيرة البشرية ، واستبعاد كل أشكال الزيف التي تمنع الإنسان أن يصل و يفهم نفسه ويعرف ربه. إن الحرية هي استجابة مركبة لهذا الاختبار الكبير في أن يختار الإنسان ليس بالإكراه وتحت الضغط والقهر، ولكن في ظروف تلفها الحرية التي تؤطرها المسؤولية الفردية والجماعية، حتى لا تتحول أنشطة البشر إلى عالم من التطاحن و التيه و التشتت و السيولة و العدمية.
                                          نخلُص إلى أن الاختيار داخل المنظومة الإسلامية لا يتم بناءا على الهوى والامزجة البشرية المتضاربة، ولكن وفقا لتوجيهات ربانية كبرى تُشكل مرجعا أساسيا لبناء حياة الفرد والأمة على نحو سليم، يسمح بالازدهار والارتقاء سواء على المستوى المادي أو المعنوي للأفراد و الجماعات، ففي كل خياراتنا نستند إلى عدة مبادئ تشكل روح الفلسفة القرآنية الشاملة لكل جوانب الحياة، وتعتبر من مواصفات الشخصية المسلمة المتميزة، والخيارات التي نتحدث عنها لا تمس حياتنا في القرارات و المنعطفات الكبرى فقط، بل حتى في التفاصيل اليومية الصغيرة التي قد لا ننتبه إليها و نتصرف فيها وفقا لرغباتنا وانفعالاتنا المنفلتة بشكل عشوائي و اعتباطي، في حين أن هذه التوجيهات، جاءت لترشيد وتنظيم وعقلنة حياتنا في كليتها دون تجزيء، بتحديد الغايات والمقاصد و تطويع الوسائل والأدوات. تجدر الإشارة أن هذه الاضاءات الربانية كما قد يُفهم ليست قهرية ظالمة، فذلكم أقرب لنظام بشري مستبد أحمق قاصر، وليست لقمع الحرية ومُصادرتها أو تجريم الخطأ و اعتباره فشلا نهائيا، لكنها وحي الله المنزل المُحكم، الشريعةُ الأنسب للطبيعة البشرية في تكاملها، والاقدر على تهذيبها و تشذيبها ووضعها على السكة التي تحقق لها الاعتدال كشرط ضروري لكل فضيلة. كما أنها تتميز بالمرونة، وذلك حين تفسح المجال لحرية الإنسان، بما في ذلك حرية الخطأ/ المعصية، لحكمة بالغة أرادها الله أن تسري في خلقه. يقول الله تعالى (وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ). البقرة، 30.
                                          لا ينبغي الفهم بأن الحديث عن حرية الاختيار أن قدر الله وتصرفه في الحياة لا وجود له، فهذا فهم يتعارض مع القرآن الكريم و سنة نبيه، لكن المقصود و المُراد قوله، أن الإنسان يظل حرا حتى أمام أقدار الله التي يجعلها كثير منا مبررا للهروب من مسؤولية حريته التي تلاحقه، وذلك بالتأويل و التفسير و الفهم و القراءة والتفاعل و الاستجابة، و هنا يكمن الاختلاف بين الناس في أقدارهم ومنازلهم. في هذا المقام نتذكر الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قرر الرجوع عن الشام لما فيها من طاعون يحصد الأرواح، فقال له أمين هذه الأمة عبيدة بن الجراح : أفرارا من قدر الله؟ فرد عليه عمر بعبارته البليغة التي تشي بالفهم الثاقب للدين : “لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله”. إن هذا المنطق الذي أبان عليه عمر بن الخطاب و الموقف الذي جسده، يُشكلان درسا عظيما لنا، يدعونا للإنصات و التأمل و النظر إلى العلاقة بين قدر الله وإرادة الإنسان، فليست الأولى نفيا للثانية أو العكس، فعمر المؤمن بحق، لم ينكر قدر الله تعالى، ولكنه لم يستسلم و يركن للسكون، بل اختار بإرادته و حُريته أن يتصرف و يتفاعل و يقرر أن يلتقي بقدر آخر، قدر يحفظ له حياته من التهلكة والموت.( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة:195.
                                          الإنسان ككائن يتعالى بفضل فكره على الواقع و متغيراته، ليس أمامه إلا أن يتحمل المسؤولية و ينبذ الاتكالية، وكل مظاهر الهروب و تبرير الفشل الذي يزرعه الإنسان بيديه ويسقيه بمياه الكسل والتماطل والأفكار الخاطئة القاتلة لإرادة الإنسان التي جاء ذكرها و تمجيدها وإعلاء شأنها في الخطاب القرآني.
                                          أعتقد أنه من المهم جدا في سياق الحديث عن خيارات الإنسان التي تتم في مجال حريته النسبية المحدودة، والتبعات والنتائج التي يجب أن يواجهها بحس المسؤولية، أن نذكر ونؤكد على الجانب التربوي الجوهري لهذه القضية التي تلعب دورا محوريا في تنظيم المجتمع، وإنقاذ الحضارة من الهلاك. الإنسان منذ تنشئته الأولى التي تنطلق من الأسرة وتمتد إلى المدرسة وباقي المؤسسات الاجتماعية، يجب أن يُربى و يُعوَّد على تحمل مسؤولية أفعاله وأقواله و مواقفه ، كأن يعاقَب الطفل بحرمانه ( الحِرمان أسلوب تربوي) من لعبة جراء فعل لاأخلاقي اقترفه، أو قول تعدى به على الآخرين، أو التهرب من واجب يهم الحياة الشخصية…، ويتم العقاب كنوع من الردع في جو من الشرح و التوضيح والتبرير، حتى يتسنى له أداء وظيفته و تحقيق هدفه. هكذا، و بهذه الطرق التربوية الفعالة، يمكن للفرد /المجتمع أن يتعلم تحمل مسؤوليته والاستجابة لواجباته، بدل التنصل منها و البحث المحموم عن الحقوق . يجب على الأسرة إلى جانب المدرسة أن تُربي على نحو أنه لا حق بدون واجب و أن الأول تابع للثاني وليس العكس.
                                          إن الكثير من الآباء و الأمهات يعتقدون سذاجة أن النيابة عن واجبات و مسؤوليات من المفترض أن يقوم بها الطفل هي مسألة تدل على الحب والرعاية والحنان والاهتمام، وأن عليهما القيام بواجبه كما هو دون إزعاج ولدهما المحبوب الذي شغلته أزرار الهاتف وألعاب الفيديو ورسوم التلفاز . هذا الاعتقاد الذي تعززه الممارسة الفعلية الخاطئة، يُشكل أسلوبا ناجعا لتدمير و إفساد الطفل في مهده، حيث يعلمه الاتكالية والكسل، وأحيانا الانتهازية في باقي مراحل حياته التي تمتد إلى خارج الأسرة من عمل وعلاقات تقتضي التعاون والانضباط. هكذا، على هذا النهج التربوي الأعمى، تصنع لنا الكثير من الأسر أشخاص ينتظرون من يقوم بواجبهم، و يعتبرون ذلك حقا من حقوقهم المقدسة التي لا يجب المساس بها، أو حتى مناقشتها.
                                          لتجنب و تخفيف صناعة مثل هذه الحالات الشاذة، التي لم تشب عن الطوق و تتغذى على غرورها ونرجسيتها، فيمنعها ذلك من النضج و إدراك الواقع كما هو منفصلا عن ذواتهم الحالمة ، يجب على الأسر النهوض بالنشء الذي آثر الكسل على العمل، واللهو على الجد، وذلك بتربية تقوم على الإيمان بإمكانية الطفل أن يقوم بالمهمات و يتحمل المسؤوليات و يتصرف في وضعيات حياتية و النجاح فيها دون تدخل الراشدين، معززين هذا الإيمان بالاعتراف و التشجيع و الثواب، لأن هذا المسلك هو ما يخدم نماء الطفل و يؤهله لتحمل واجبات أكبر في مراحل شبابه، ما ينمي فيه الخشونة و الصلابة على مجابهة حياته و ما تحمله من تعثرات و أحوال الدهر المتقلبة، بدل الركون إلى النحيب و الشكوى وإلقاء اللوم دائما على الظروف و الآخرين. يجب التركيز على تربية تؤمن بالفرد ليكون فاعلا مرفوع الإرادة، لا مفعولا به عديم الهمة والعزيمة.
                                          يولد الإنسان فيكتسب الحرية، يتلقى التربية بدءا من الأسرة الصغيرة لتهذيب حريته و توجيهها، وذلك بإخراجها من التوحش إلى مدارج الإنسانية والتحضر، بهذه العملية المركبة التي يتداخل فيها عدة عناصر، يصبح الفرد منفصلا، مستقلا، قادرا على الخوض في شُعب الحياة و مسالكها، ويهتدي بنور الفطرة إلى الطريق الحق والتوجه الصائب رغم اختلاف المسارات و التجارب الإنسانية الغنية. يشارك ككائن مُريد راغب، يختار لنفسه بنفسه، وهو لا يكون إنسانا إلا حين يحاسب نفسه بالتقويم و يقف في مواضع الخطأ و الزلل، ليُجدد النية بالتوجه للصواب، ويكون مسؤولا عن نفسه، و للتربية دور محوري في الوصول لهذه المرحلة، لأن الإنسان لا يولد مسؤولا و لكن يصبح كذلك، و الحرية ليست غنيمة يتم السطو عليها و امتلاكها كما تُمتلك الأواني والمجوهرات، ولكن يتم إنتاجها بشكل يومي عبر العمل المنضبط.
                                          إن العبرة في مسيرة الإنسان بالخاتمة، فهو ما يصير إليه، ما يكونه في النهاية، ولهذا عليه أن يُحب قدره ككائن حر أمام مجال مفتوح المدى، ويخوض الملحمة بشجاعة ومسؤولية . يجب علينا أن ندخل تجربة الاختيار دون خوف، ولكن بإيمان ويقين بالوصول إلى غاية التكامل الإنساني، بما فينا من ثقة بالله وتوفيقه، وبدافع الشوق للمعرفة والحرية. هذا الشوق كمظهر من مظاهر تكريم الإنسان على الأرض (وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ) ، وهذا الاختيار الذي هو بداية الإنجازات، الاكتشافات، الاختراعات، الانتصارات بداية العلم والفلسفة والايمان … بداية التاريخ الإنساني، و الحضارة الإنسانية.

                                          Tags: التمردالحريةالعصيانالعقلالوجود الإنسانيمسؤولية الاختيار
                                          ShareTweetShareSend
                                          Subscribe
                                          Notify of
                                          guest
                                          guest
                                          0 التعاليق
                                          Inline Feedbacks
                                          شاهد كل التعاليق

                                          إعلان

                                          آخر الأخبار

                                          edit post

                                          مونديال تشيلي للشباب..المغرب يعبر إلى ربع النهائي

                                          10 أكتوبر، 2025
                                          edit post

                                          برنامج “حديث المساء” يستضيف مهدي الزواوي رئيس المجلس الجهوي للمهندسين المعماريين

                                          4 أكتوبر، 2025
                                          edit post

                                          القيادي في نقابة الـ”سيدتي” مصطفى نعينيع في ضيافة برنامج “عين على قضايانا”

                                          4 أكتوبر، 2025
                                          edit post

                                          القيادي في حزب الزيتونة “العبدلاوي” في ضيافة برنامج “حديث المساء”

                                          4 أكتوبر، 2025
                                          من شروط النشر :‫‫ عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.
                                          جرأة، موضوعية، مصداقية
                                          المساء 24
                                          • من نحن
                                          • للنشر في المساء 24
                                          • للإشهار
                                          • شروط الإستخدام
                                          • فريق العمل
                                          أقسام الموقع
                                          • سياسة
                                          • جهات
                                          • اقتصاد
                                          • ثقافة وفن
                                          • رياضة
                                          • مجتمع
                                          • تربية و تعليم
                                          • حوادث
                                          جرأة، موضوعية، مصداقية
                                          المساء 24
                                          • من نحن
                                          • للنشر في المساء 24
                                          • للإشهار
                                          • شروط الإستخدام
                                          • فريق العمل
                                          أقسام الموقع
                                          • سياسة
                                          • جهات
                                          • اقتصاد
                                          • ثقافة وفن
                                          • رياضة
                                          • مجتمع
                                          • تربية و تعليم
                                          • حوادث
                                          جميع الحقوق محفوظة | © El Massae 2022
                                          No Result
                                          View All Result
                                          • الرئيسية
                                          • سياسة
                                          • مجتمع
                                          • جهات
                                          • تربية وتعليم
                                          • حوادث
                                          • اقتصاد
                                          • ثقافة وفن
                                          • رياضة
                                          • مقالات الرأي
                                          • المساء24 TV
                                          • برامجنا

                                          © 2022 El Massae  جميع الحقوق محفوظة

                                          Welcome Back!

                                          Login to your account below

                                          Forgotten Password?

                                          Retrieve your password

                                          Please enter your username or email address to reset your password.

                                          Log In
                                          wpDiscuz

                                          من نحن

                                          المساء 24 موقع إلكتروني إخباري مستقل بطاقم صحفي وإداري عالي التكوين يلتزم بالصحافة المجتمعية ويسعى إلى إحداث الفارق عما هو موجود .
                                          خطه التحريري يتميز بالشفافية والدقة والموضوعية، ويؤمن بالرأي والرأي الآخر، يتلمس هموم المواطن ويعالج قضاياه من زوايامختصين وأخصائيين وخبراء .
                                          المساء 24 يطرح الإشكالات ويبحث عن حلول لها، كما يحلل الواقع ويسعى للإجابة عنه .
                                          يراقب الشأن العام المحلي والوطني ومسؤوليه، وهو بذلك صوت المجتمع، وفضاء إعلامي مفتوح للجميع، نحو الكلمة والرأي بكل مصداقية وبمحتوى جاد وراق .
                                          المساء 24 النافذة الكبرى على أخبار مدن وجماعات هذا الوطن، ستبقى وفية لخطها التحريري المستقل والمحايد والمؤمن بالقيم العليا للوطن وشعبه، والمؤمن بالتغيير والعمل المسؤول في احترام تام لأخلاقيات المهنة والعمل الصحافي الحر .
                                          طاقم الموقع الإلكتروني الإخباري المساء 24 سينقل لكم الحقائق والوقائع والمعلومات دون تحجيم أو تضخيم وبكل موضوعية ومهنية بعيدا عن الطعن في الأشخاص والمؤسسات والتشهير بها .
                                          تفتح المساء 24 الإلكترونية صفحاتها لكل المواطنين ومن مختلف الاتجاهات والمناطق للتعبير عن آرائهم وانشغالاتهم، وستكون مستجيبة ومنصتة ومتفاعلة في الآن نفسه مع كل آهاته وانتظاراته أينما كان .