لم تجد قافلة آليات وسيارات السلطات المحلية والأمنية التي تم تسخيرها، اليوم، لشن حملة لتحرير الملك العمومي بنفوذ كل من الملحقة الإدارية الثالثة ونظيرتها الرابعة عشر بالقنيطرة، “لم تجد” أدنى صعوبة في ولوج مسالك منطقتي الخبازات وبئر أنزران التجارتين.
وبدا الوضع هادئا على غير العادة، حيث مر بسلام الموكب الحاشد للحملة من المنطقتين المعروفتين بتفشي الاحتلال الفاحش للملك العامب، وبدون أدنى مشاكل تذكر، بعدما وجد المسؤولون المشرفون على هذه العملية أن معظم أصحاب المحلات التجارية سحبوا مبكرا طاولاتهم الخشبية والحديدية التي يعرضون عليها سلعهم تاركين الأزقة والدروب والشوارع خاوية على عروشها، ولم يتركوا سوى الأغراض البالية التي أرادوا أن يتخلصوا منها لتحملها شاحنات السلطة بعيدا عنهم.
ووصف مواطنون هذه الحملة بالمسرحية السيئة الإخراج، لكون أغلب المستهدفين منها كانوا على علم مسبق بها من طرف جهات ألفت، بحسبهم، ابتزاز التجار والباعة الجائلين على حد سواء، وفرض أتاوات جهارا وفي واضحة النهار على من يحتلون الملك العام.
وعاين متابعون للشأن العام المحلي كيف أن ساحتي “الخبازات” و”بئر أنزران” والمناطق المحيطة بهما بدت، منذ فجر اليوم، أماكن شبه مهجورة، بخلاف ما تكون عليه في الأيام العادية حيث يصعب على السائقين والمارة المرور منها إلا بشق الأنفس، إلا أنها أصبحت بقدرة قادر محررة وميسرة الولوج، على حد تعبيرهم.
وبعيدا عن لغة التطبيل والتزمير التي ابتليت بها المدينة، يقول البعض، فإن سلطات القنيطرة مطالبة بالتصدي الصارم لظاهرة احتلال الملك العمومي بالمدينة بشكل دائم ومستمر، والتعامل مع المخالفين من أصحاب المحلات التجارية والمقاهي على قدر المساواة بعيدا عن لغة المحاباة وسياسة الكيل بمكيالين التي تضع أصحاب النفوذ ومن يدفعون أكثر يتمتعون بحماية خاصة من قبل لوبيات دأبت على تحويل كل المناطق التجارية إلى بقرة حلوب لا ينضب منتوجها.
السلطات ومعها المجلس الجماعي مطالبان، بحسب المصادر نفسها، بوضع استراتيجية واضحة المعالم، محددة الزمان والمكان، لتجسيد مبادرات حقيقية تمكن الباعة الجائلين من الاستفادة من فضاءات تأوي تجارتهم، وتحفظ كرامتهم، وتحميهم من الابتزازات التي يتعرضون لها بشكل يومي، وتقيهم تبعات الملاحقات المناسباتية.
وتساءل مواطنون عن السر وراء بقاء العديد من الأسواق النموذجية خارج التغطية، وعدم استرجاع المحلات الجماعية المخصصة ل”الفراشة” والتي تم بيعها خارج القانون، وكذلك تلك التي استفاد منها مقربون من جهات في السلطة والمجالس المنتخبة، مع اتخاذ كافة التدابير التي تمكن من يستحقون الاستفادة من استغلال المحلات التي توضع رهن إشارتهم والتصدي لأي تفويت لها، وفق تعبيرهم.