العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تخلد اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري

المساء24

أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانا، تزامنا مع تخليد العالم لليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 غشت من كل سنة، ذكرت فيه بأن هذه الجريمة تعد من أبشع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لكونها تمس الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي، وتضرب في العمق كرامة الإنسان وأساس العدالة.

العصبة، وفي ذات البيان الذي توصل المساء24 بنسخة منه، شددت على أن هذه المناسبة تشكل فرصة لتذكير الحكومات والمجتمع الدولي بمسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية والقانونية في مكافحة هذه الممارسة التي لا تسقط بالتقادم.

وأكد البيان، أن العصبة، وهي تتابع التطورات الحقوقية وطنيا وإقليميا ودوليا، تنضم إلى أصوات المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان عبر العالم للتنديد باستمرار الاختفاء القسري في عدد من مناطق التوتر، حيث يتم اعتماده كوسيلة لقمع الأصوات المعارضة وتكميم حرية التعبير وإضعاف الحركات الاجتماعية.

وسلطت العصبة الضوء على الوضع في فلسطين وغزة، حيث تشير المعطيات إلى تسجيل آلاف حالات الاختفاء القسري، منها ما يزيد عن 11 ألف فلسطيني مختفون قسرا حتى يوليوز 2025، بينهم نساء وأطفال، في حين تحدثت مصادر حكومية عن وجود أكثر من 14 ألف مفقودين أو تحت الأنقاض نتيجة السياسات الإسرائيلية التي تشمل الاعتقالات الجماعية والتهجير والتدمير واستهداف فرق الإنقاذ.

وشددت العصبة على أن جرائم الاختفاء القسري ستظل من أبرز القضايا التي تشغل الضمير العالمي، وتدفع المدافعين عن حقوق الإنسان إلى الاستمرار في الترافع والمطالبة بمساءلة المتورطين فيها. وأبرزت أن هذه الذكرى الدولية تمثل موعدا سنويا لإعادة الاعتبار للضحايا وجبر ضررهم وتحقيق العدالة لهم ولعائلاتهم، وهو ما دأبت الحركة الحقوقية المغربية على المطالبة به داخليا وخارجيا.

وفي السياق الوطني، ذكرت العصبة بأن المغرب حقق تقدماً مهما في مسار العدالة الانتقالية ومعالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة، إلا أن الذاكرة الحقوقية المغربية ما تزال تحتفظ بجراح ضحايا سنوات الرصاص، الذين تعرض العديد منهم لشكل من أشكال الاختفاء القسري. واعتبرت أن ذلك يستدعي الاستمرار في ضمان جبر الضرر الفردي والجماعي، وحفظ الذاكرة الوطنية، وضمان عدم تكرار تلك الانتهاكات.

وسجلت العصبة مجموعة من الملاحظات، أبرزها دعوة الدولة المغربية إلى احترام التزاماتها الدولية بعد مصادقتها على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والعمل على ملاءمة التشريعات الوطنية مع مقتضياتها.

كما طالبت بتعزيز استقلالية القضاء وتمكينه من فتح التحقيقات الجادة في قضايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، والتسريع بإخراج القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية بصياغة تراعي المعايير الدولية وتجرم الاختفاء القسري بشكل واضح وصريح.

ونبهت العصبة إلى استمرار بعض الممارسات التي تلامس شبهة الاختفاء، مثل عدم إخبار العائلات بمكان احتجاز بعض المعتقلين أو نقلهم إلى أماكن غير معروفة، معتبرة أن ذلك يستدعي إصلاحات عميقة في طرق تدبير الاعتقال والاحتجاز. كما دعت المجتمع المدني إلى الاستمرار في رفع الوعي بخطورة هذه الجريمة والعمل المشترك من أجل مغرب ديمقراطي قاطع نهائياً مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وختمت العصبة بيانها بالتأكيد على أن الحق في معرفة الحقيقة هو حق أصيل للضحايا وعائلاتهم، وأن مناهضة الاختفاء القسري تمثل معركة من أجل حماية الكرامة الإنسانية وترسيخ دولة الحق والقانون.

كما جددت دعوتها إلى بلورة سياسات عمومية دامجة لحقوق الإنسان، وتعزيز التعاون مع الآليات الأممية المعنية، ونشر ثقافة حقوق الإنسان في مؤسسات الدولة وأجهزة إنفاذ القانون عبر التكوين والتدريب المستمر، فضلاً عن حفظ الأرشيف المتعلق بسنوات الانتهاكات باعتباره جزءاً من الذاكرة الجماعية وضمانة لعدم التكرار.

وأبرزت العصبة أنها، وهي تستحضر آلام ضحايا سنوات الرصاص وعذابات أسرهم، تجدد التزامها بالنضال ضد كل أشكال الانتهاكات، مؤكدة أن معركة مناهضة الاختفاء القسري هي جزء لا يتجزأ من مسار ترسيخ دولة الحق والقانون، وداعية مختلف الفاعلين إلى جعل هذه المناسبة محطة لتجديد العهد على صون الكرامة الإنسانية وحماية الحقوق الأساسية.