بقلم *محمد حمضي*
عديدة هي الأسر المغربية التي تتضاعف معاناتها وتتعمق وهي تستعد لتفعيل حق أبنائها في التعليم عند كل بداية لموسم دراسي جديد . معاناة وحدهم الأطفال يؤدون فاتورتها. لقد كان بالإمكان محاصرة ما يترتب عن هذه المعاناة لو تم استحضار روح التوجه الحقوقي والديمقراطي لبلادنا ، وهي تستقبل مطلع القرن 21 الجاري ، بإرادة ملكية ثابتة ، تجسدت في عدة مبادرات كبرى ، لم يكن آخرها اعتماد دستور 2011 ، الذي وسع من مساحة الحقوق في متنه ، تصديرا وأحكاما .
بمناسبة كل دخول مدسي يتعطل مبدأ المصلحة الفضلى للطفل/التلميذ(ة). تعطيل يسببه التأويل اللاحقوقي للمبدأ ، علما بأن المبدأ المذكور كما جاء في حزمة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة ، تعطي لمصلحة الطفل الاعتبار الأول في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية” .
حين يحدث شرخا في الأسرة ، ويدخل مكونيها الأساسين( أب وأم الطفل/التلميذ-ة ) في نزاع غالبا ما يكون معروضا على القضاء الذي سيقول كلمته بعد استيفاء كل الخطوات المحددة قانونا للحسم في هذا النزاع ، يعيش مبدأ المصلحة الفضلى للطفل محنة غير مسبوقة ، يكتوي بنيرانها الأطفال الذين يحاول كل واحد من الوالدين إعطاء نفسه الحق في تسجيله بهذه المؤسسة التعليمية أو تلك ، أو نقله من هذه المنطقة أو تلك . في المقابل مديرات ومديري المؤسسات التعليمية وبناء على مذكرات وتدابير ادارية من الوزارة الوصية تنتصر للولاية للأب بغض النظر عن وضعه الاجتماعي والنفسي ، وقدرته على النجاح في إعطاء نفس لهذه الولاية ، يمتنعون عن تسليم الأمهات شواهد تسمح لهن بالحصول على وثيقة الانتقال لأبنائهن. ولن تكون النتيجة غير ما تعبر عنه المقولة الشعبية ” شي اكلا الفول ، شي تنفخو فيه”. وهو ما يعني بأن المآت من الأطفال / تلميذات وتلاميذ ، وبسبب النزاع المذكور، الذي ناذرا ما تحسمه النيابة العامة بمحاكم المملكة حين يعرض عليها ، بترجيحها كفة مبدأ الولاية للأب ، على حساب كفة المصلحة الفضلى للطفل ، ( كثيرا من الأطفال) يتبخر حقهم/ في التعليم، فيصبحون قنابل موقوتة تهدد مستقبل البلاد لا قدر الله .
والحكومة تستعد لمراجعة مدونة الأسرة كما دعاها لذلك الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير ، عليها فتح نقاش عمومي يلامس مبدأ المصلحة الفضلى في تفاصيلها الدقيقة ، ولن يتأتى ذلك إلا إذا تم الانتصار للتأويل الديمقراطي/ الحقوقي لما ما جاء في تصدير دستور المملكة ” جعل الاتفاقيات الدولية ، كما صادق عليها المغرب ، في نطاق أحكام الدستور ، وقوانين المملكة ، وهويتها الوطنية الراسخة ، تسمو ، فور نشرها ، على التشريعات الوطنية ، والعمل على ملائمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة ” .
وفي انتظار مراجعة مدونة الأسرة ، وحتى لا تتوسع رقعة الأطفال/ التلاميذ والتلميذات ضحايا النزاع بين الوالدين ، فإننا ندعو إلى التعليق المؤقت لمذكرات وزارة التربية الوطنية التي تحصر ” حق” انتقال التلميذات والتلاميذ في يد الأب ، والعمل على تشكيل لجنة من أطر المديريات الإقليمية للتربية الوطنية ، ورئيس خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف ، وفاعل(ة) مدني عضو(ة) بنفس الخلية ، والاستئناس بتقارير تنجزها المساعدة الاجتماعية لدى النيابة العامة ، وتقارير المساعدون الاجتماعيون التابعون لقطاع التعليم ، للحسم وبشكل مستعجل في أحقية الأم أو الأب في احتضان الأطفال قبل أن تصدر المحكمة حكمها في قضية النزاع المعروض عليها.