بقلم “محمد الغلوسي*
لكي تتولى مهمة تسيير مجلس جماعي وتضمن ولاء المستشارين المحترمين لك ولقراراتك فإن لذلك ثمن لابد أن تؤديه وإلا ستكون في مرمى نيران العواصف وستجد أمامك كل مايمكن تخيله من العراقيل !لكن الجميل في الأمر هو أنك لن تؤدي من جيبك ولو درهم واحد فالريع كفيل بأن يسد كل الأفواه ويلبي كل الطلبات ويجعل الأعضاء المحترمين يحملون البندير ويهللون بإسمك صباح مساء ويلقون التحية متبوعة بالسيد الرئيس المحترم ويتكلفون حتى بحراسة وتقريع النمامين الذين يتحدثون بسوء عن الرئيس في غيبته
إنه الريع ياسادة يستهدف البطون ويترك العقول فارغة وعلى استعداد لتزوير الحقائق وتزييف التاريخ والإصطفاف مع الشيطان وشهادة الزور،
ويكفي للمرء أن يعود لميزانية مجلس الرباط لسنة 2023 وسيجد أن الريع وشراء الذمم عن طريق توظيف المال العام مغلف بتسميات في إطار جداول لإضفاء الشرعية على فساد نخبة وتلهفها للإستفادة من المال السايب ،وهكذا فإن مصاريف التنقل داخل المغرب قفزت من 20 مليون سنتيم سنة 2022 إلى 60 مليون سنتيم سنة 2023 وشخصيا تساءلت مع نفسي بحيرة إلى أين سيتنقل هؤلاء داخل المغرب ؟وماهي المهام التي يمكن أن ينجزوها ؟
فيما انتقلت مصاريف المهمة بالخارج من صفر درهم إلى 20مليون سنتيم. وخصص مجلس الرباط مبلغ 40 مليون سنتيم لتنقل الرئيس والمستشارين خارج المغرب ولهم مبلغ 30 مليون كمصاريف الجيب.
ووفاء لسياسة الريع وهدر المال العام في ظل حديث عن الأزمة المالية والديون المتراكمة خصص مجلس الرباط مبلغ 150 مليون كمصاريف خاصة بالإطعام والإستقبال والإقامة !!ومبلغ 400 مليون لشراء الوقود ورفع مستحقات الهاتف والمواصلات الى مبلغ 150 مليون بدلا من 15 مليون خلال سنة 2022
إنها ماركة مغربية مسجلة لشراء الضمائر وضمان المقعد المريح وجمع جيش الأنصار من خلال تعبيد الطريق للميزانية العامة لصرفها بطريقة تضفي عليها الشرعية المفترى عليها وتمكين المستشارين من أخذ رشوة مقننة والتفطح في فنادق خمسة نجوم ومطاعم فخمة ،بل إن الباب مفتوح للتزوير فيكفي تعبئة بعض الوثائق ليستفيد المستشار المحترم من تعويضات عن التنقل وأداء المهام والإستفادة من حصص الوقود وغير ذلك ولو أن سيادة المستشار لم يغادر باب منزله
إن الريع والفساد هو أكبر خطر يواجه بلادنا وتعدد المؤسسات المكلفة بمكافحتهما لا يزيدهما إلا تغولا وإنتشارا ،وهنا لابد أن نسائل والي عامل عمالة الرباط حول دور الرقابة الإدارية على مقررات المجلس الجماعي وخاصة مايتصل بالميزانية إنطلاقا من المادتين 115 و118 من القانون التنظيمي عدد 14-113 الخاص بالجماعات المحلية ،فهل سيمارس تلك الرقابة التي خولها له القانون ويرفض المصادقة على هدر وتبديد المال العام واستمرار نزيف الريع في ظل أزمة خانقة وخطاب يتغنى بالترشيد أم أنه سيمارس سياسة النعامة ؟
*رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام