القنيطرة..جلسة محاكمة مثيرة تعيد الجدل حول اعتقال شباب جيل Z

المساء24 ـ القنيطرة

شهدت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة أمس جلسة استثنائية بكل المقاييس، جمعت بين دراما إنسانية مؤثرة وسجال قانوني محتدم حول ملف معتقلي أحداث الأسبوع الماضي التي هزت مدينتي القنيطرة ضمن موجة احتجاجات قادها ما يُعرف بـ”جيل Z”.

قاعة الجلسات رقم 4 تحولت إلى مسرح لمشاهد إنسانية مؤثرة، بعدما دخل أحد المتهمين في حالة اختناق حاد وانهيار عصبي وسط بكاء الأمهات وصرخات مؤازري المعتقلين، لتتدخل رئيسة هيئة الحكم القاضية نعيمة أزديك التي أمرت بحضور سيارة إسعاف لنقل الشاب إلى المستشفى تحت إشراف النيابة العامة، في لحظة لامست مشاعر الحاضرين.

ورغم الأجواء المشحونة، تمسكت المحكمة برفض رفع حالة الاعتقال وأرجأت البت في ملتمس السراح المؤقت إلى نهاية الجلسة، ما أثار خيبة أمل بين عائلات المعتقلين الذين تابعوا أطوار المحاكمة بقلق بالغ.

هيئة الدفاع التي ضمت عددا من المحامين المتطوعين قدمت مرافعات قوية دفاعا عن شباب القنيطرة. المحامي نور الدين وهبي أعلن أمام المحكمة استعداده لتقديم كفالة شخصية قدرها 20 ألف درهم مقابل تمتيع المعتقلين بالسراح المؤقت، معتبرا أن هؤلاء الشباب اعتقلوا ظلما، وأن من يجب أن يحاسب هم المسؤولون عن السياسات الفاشلة في التعليم والصحة والشغل التي دفعتهم إلى الاحتجاج. فيما حذر محامون آخرون من الزج بشباب احتجوا سلميا في السجون بغرض احتواء المظاهرات، متسائلين بحدة: من له المصلحة في جعل القضاء في مواجهة شباب يطالبون بحقوقهم؟.

وفي الاتجاه نفسه، شدد الأستاذ رشيد أيت بلعربي على أن القضاء يجب أن يتحمل مسؤوليته الدستورية في حماية الحقوق والحريات، مؤكدا أنه لا ينبغي أن يتحول إلى أداة لتنزيل السياسة الأمنية للحكومة أو أن يتحمل وحده تبعات فشل الحكومات المتعاقبة في تدبير الشأن العام. كما وجه انتقادات إلى بعض التصريحات الرسمية التي قد تؤثر – حسب قوله – على استقلالية القضاء، داعيا إلى النأي بالسلطة القضائية عن كل تأثير سياسي أو تنفيذي.

في المقابل، أكد ممثل النيابة العامة الأستاذ عبد الصادق فضيلات أن قرينة البراءة مضمونة لكل المتهمين، موضحا أن الاعتقال لم يطل من كانوا يحتجون بشكل سلمي، بل الأشخاص الذين يشتبه في تورطهم في أعمال تخريب ورشق القوات العمومية بالحجارة.

وأضاف أن القضاء لا يخاصم الجيل الجديد بل يحمي الجميع في إطار القانون، قبل أن يلتمس رفض طلب السراح المؤقت، مشددا على أن المتابعة تمت بناء على خطورة الأفعال المنسوبة إلى الموقوفين.

كما نظرت المحكمة الابتدائية في ملف شاب متهم بنشر فيديو يطالب فيه بتخفيض أسعار الحشيش، حيث واجهته القاضية بما قاله ليعترف بأنه كان تحت تأثير الكحول ولم يكن يشعر بما يفعل، ليتم تأجيل قضيته إلى جلسة لاحقة لإعداد الدفاع.

هكذا اختتمت جلسة طويلة ومشحونة بالعواطف والتوتر القانوني، بين محامين يرون في الاعتقالات استهدافا سياسيا لجيل جديد من المحتجين، ونيابة عامة تؤكد أن الأمر يتعلق فقط بتطبيق القانون في مواجهة أفعال جرمية خطيرة.

يشار أن محكمة الاستئناف بالقنيطرة عرفت في ذات اليوم الشروع في محاكمة دفعة جديدة من المعتقلين على خلفية أحداث الشغب التي شهدتها جماعة سيدي الطيبي، والمتابعين بتهم جنائية ثقيلة تتعلق بالتجمهر غير المرخص، وتخريب منشآت عمومية، وإضرام النار عمدا، والاعتداء على موظفين عموميين، والسرقة والنهب.