أصدرت المحكمة الابتدائية بأكادير، أمس، حكماً قضائياً يقضي بإدانة شاب ثلاثيني بالحبس الموقوف التنفيذ لمدة ستة أشهر وغرامة مالية نافذة قدرها 2000 درهم، وذلك على خلفية منشور نشره على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك اعتُبر تهديداً لرئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وتشير مصادر إعلامية إلى أن القضية نشأت عن تدوينة نشرها المتهم على حسابه الشخصي، عبّر من خلالها عن استيائه من تدهور الأوضاع الاجتماعية وارتفاع الأسعار، مستخدماً لغة حادة وخليطاً من العربية والأمازيغية. اعتبرت السلطات المختصة هذا المنشور تهديداً وتحريضاً على العنف، مما أدى إلى توقيف الشاب من قبل المصالح الأمنية بناءً على شكاية مباشرة تقدم بها رئيس الحكومة بصفته المتضرر.
شكّل تنازل عزيز أخنوش عن الشكاية نقطة تحول حاسمة في مسار القضية، حيث ساهم هذا القرار في تخفيف الحكم الصادر بحق المتهم. جاء هذا التنازل وسط موجة تضامن واسعة اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي، حيث تعالت الأصوات المطالبة بضرورة احترام حرية التعبير وأخذ السياق الاجتماعي والاقتصادي المتأزم في الاعتبار عند التعامل مع مثل هذه القضايا.
ويرى متتبعون للشأن القانوني أن هذا الحكم يطرح تساؤلات جوهرية حول التوازن الدقيق بين حرية الرأي ومسؤولية التعبير، خاصة عندما يتعلق الأمر بانتقاد المسؤولين في المناصب الحساسة. كما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه النظام القضائي في عصر الإعلام الرقمي، حيث تتداخل حرية التعبير مع قوانين الحماية من التهديد والتحريض.
تأتي هذه القضية في سياق تصاعد الاحتقان الاجتماعي نتيجة تفاقم الأزمة المعيشية وارتفاع تكاليف الحياة، مما يدفع المواطنين للتعبير عن سخطهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويؤكد خبراء أن معالجة مثل هذه القضايا تتطلب نهجاً متوازناً يراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة، مع ضمان احترام سيادة القانون وحماية كرامة المسؤولين العموميين.
من جانب آخر، تشير مصادر قضائية إلى أن القرار النهائي للمحكمة أخذ في الاعتبار عدة عوامل، منها تنازل المشتكي وعدم وجود سوابق إجرامية للمتهم، إضافة إلى الظرفية الاجتماعية العامة التي تشهد توتراً ملحوظاً بسبب الأوضاع الاقتصادية. كما أن الحكم بالسجن الموقوف التنفيذ يعكس رغبة المحكمة في إيجاد توازن بين ردع السلوكيات المشابهة ومراعاة الظروف المحيطة بالقضية.