رضا سكحال
يعيش المغرب ظرفا عصييا وامتحانا عسيرا في الآونة الأخيرة بسبب الحرائق التي اجتاح لهيبها عددا كبيرا من الغابات والمنازل المجاورة لها بعدة مناطق منذ العاشر من يوليوز الجاري(العرائش، طنجة، شفشاون، وزان، تاونات، وبركان…)، وكانت مخلفاتها سواء المادية منها والبشرية كارثية، حيث تم تسجيل خسائر في الأرواح، بالإضافة إلى تضرر الغطاء الغابوي، إذ أتلفت مساحة شاسعة من الأشجار المثمرة وقطيع الماشية، دون الحديث عن الأضرار التي لحقت منازل الساكنة جراء إندلاع هذه الحرائق.
ويبقى مصير الهاربين من ألسنة النيران مجهولا بعدما شبت الحرائق بمنازلهم، وتضرر موارد رزقهم.
هذا وقد بذل الموظفون الغابويون ورجال الإطفاء والمواطنون المتطوعون في المناطق التي شابها الحريق بسالة منقطعة النظير في محاولة السيطرة على هذه الحرائق وإخماذها، حيث سجلت حالة وفاة المواطن المتطوع محمد سحنون بنواحي تاونات.
وفي تصريح حصري للكاتب العام للنقابة الوطنية للمياه والغابات التابعة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي إدريس عدة لجريدة “المساء24” قال فيه عن أسباب الحرائق الغابوية الأخيرة “أنها تنشب لأسباب طبيعية وأخرى بشرية” مضيفا أن”العامل المناخي يشكل عاملا حاسما في تفاقمها وحدة خطورتها.
مؤكدا “أن الحرائق التي نتابعها خصوصا في منطقة الشمال فإن التحقيقات بشأنها لازالت جارية، ولم تفصح الجهات المختصة عن نتائجها بعد”.
وقال الكاتب العام إدريس عدة قائلا:
“إن انتشار وحجم هذه الحرائق وحجمها يطرحان العديد من علامات الاستفهام حول دور العامل البشري، كما أن انتشار هذه الحرائق منذ 10يوليوز الجاري على إمتداد وفي محيط أغلب مدن (جهة طنجة الحسيمة) بالموازاة مع الحرائق المنتشرة في غابات الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط وخصوصا في إسبانيا مؤشر قوي على أن العامل المناخي وتحديدا الإرتفاع القياسي لدرجة الحرارة في المنطقة المتوسطية هو الآخر كان دوره حاسما في تفاقم الظاهرة هذه السنة في بلادنا وتحديدا في اقاليم الشمال”.
وانتقد” عدة” أداء الدولة واصفا إياه ب”ردة الفعل”، لأنه يكون في الغالب، بحسبه، متأخرا وضعيفا بسبب عدم جاهزية الإدارات والمؤسسات المكلفة بتدبير الكوارث واحتوائها ومنها حرائق الغابات.
وشجب المتحدث نفسه ما أسماه التأخر الكبير في تدخل الوقاية المدنية وغيرها، وضعف وسائل تدخلها وقلة الوسائل المتطورة، مؤكدا أن هذا الأمر “يضع هذا الجهاز وغيره موضع سؤال حول موارده البشرية وحول وسائل التوقع والاستشعار، وحول قدراته التواصلية، حيث تابعنا ضعفا كبيرا في التواصل مع المواطنين لتقدير الخطر، وإخلاء الساكنة المجاورة للغابات”.
وحسب تصريح المصدر نفسه، فإن هذا التأخر كان سببا في خسائر كثيرة وضحايا كثر، وقدم إدريس عدة بهذه المناسب العزاء لأسر الضحايا باسمه وباسم نقابته.
وزاد موضحا “الدولة غير جاهزة لمواجهة الكوارث وتدبير مخلفاتها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية”، منتقدا في الوقت نفسه ترك الوكالة الوطنية للمياه والغابات بدون معدات ولا وسائل تواجه الحرائق كل سنة بمعدات وصفها بغير الكافية.
وألح في مطالبتة للحكومة “بتمكين الوكالة الوطنية للمياه والغابات من الاعتمادات المالية الكافية لتوفير المعدات المتطورة للتدريب، وتهيئة الغابات وتكثيف الحراسة، والتكوين الدائميين والجيدين لأطرها وأعوانها المكلفين بهام مواجهة الحرائق”.
وطالب “عدة” الدولة ب”إخراج المواطنين من مناطق الخطر، نظرا لاعتمادهم الدائم على الموارد الغابوية، وذلك عبر ادماجهم من خلال برامج متعددة متقاطعة، منها برنامج الاقتصاد التضامني، والذي قد يمكن هذه الساكنة من حقها في العيش الكريم”.