الرباط..منعم أولاد عبد الكريم
شهد مدرج “الشريف الادريسي” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط صباح يومه الأربعاء 16 نونبر افتتاح أشغال الندوة الدولية حول موضوع “العلاقات المغربية الإسبانية: رؤى متقاطعة” والتي ستستمر على مدى يومين. ويتضمن برنامج الندوة عدة جلسات علمية يؤطرها عدة باحثين مغاربة وإسبان في مجال تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية. وتشكل هذه الندوة مناسبة لتبادل مجموعة من الآراء والأفكار والتجارب حول تاريخ، راهن وآفاق تطور العلاقات بين المغرب واسبانيا. وتأتي هذه الندوة في سياق الانتعاشة التي تشهدها العلاقات بين البلدين خلال الأشهر الأخيرة.
ففي مداخلته، أكد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط الدكتور جمال الدين الهاني أن مثل هذه الندوات يمكن ان تشكل منطلقا للتفكير في كل ما هو كائن وما هو ممكن بخصوص تطوير علاقات التعاون الثنائي بين المغرب واسبانيا، داعيا إلى تأسيس كرسي علمي حول الموضوع يحمل إسم الشريف الإدريسي بشراكة بين جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة مدريد.
وأكد عدة محاضرين أن القاعدة الصلبة التي تقوم عليها العلاقات المغربية الإسبانية تتشكل من تلك الروابط التاريخية، الجغرافية والحضارية التي تجمع البلدين، إلا أنها لا تعد كافية لتطوير العلاقات المغربية الإسبانية حتى تبلغ مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وفي هذا السياق صرح الأستاذ محمد بنعبد القادر، الوزير المغربي السابق، أن المقاربات التقليدية التي تستند إلى رواسب الماضي وتقوم على مفاهيم ومصطلحات بلاغية مستمدة من قاموس لا يتلاءم مع طبيعة ووظيفة الدول ك”الصداقة” مثلا، لا يمكنها أن تشكل حلا بالنسبة لمشاكل المستقبل، في يعتبر مفهوم “الشراكة” الأمثل لتأطير وتطوير هذه العلاقات الثنائية.
كما أقر باحثون آخرون خلال عروضهم بان استشراف المستقبل وبناء علاقات مستقبلية متينة يقتضي ابتكار آليات واستراتيجيات جديدة وفق منطق جديد للتفكير المشترك حول مختلف قضايا التعاون الثنائي المغربي الإسباني، تستحضر السياقات الدولية الراهنة وتحديات العقود القادمة في إطار مقاربة “رابح – رابح”، ووفق مفاهيم تتلاءم مع رهانات القرن الواحد والعشرين.
وخلال عرضه، قال الدكتور عبد الواحد أكمير أن علاقات التعاون الثنائي المغربي الإسباني ترتكز على مجموعة من الدعامات الرئيسية (امنية، اقتصادية، ثقافية، قضائية، اجتماعية…) بمستوياتها المختلفة. بينما يشكل ملف الصحراء تيرمومترا لهذه العلاقات المغربية الإسبانية، معتبرا ان الموقف الإسباني الداعم للحل المغربي لقضية الصحراء الرامي إلى منح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا في إطار الجهوية الموسعة، موقفا بنيويا، أي موقف دولة وليس موقف حكومة.
فيما ذهبت مداخلة الدكتور الإسباني “رافائيل إيسبارسا ماشين” عن جامعة “لاس بالماس” إلى ضحد الأطروحة الانفصالية لجبهة البوليزاريو وكل داعميها بعرض وثائق تاريخية تؤكد مغربية الصحراء، في وقت كانت لازالت فيه الجزائر مجرد إيالة ضمن الدولة العثمانية.
كما أكدت “ماريا أنطونيا طروخييو” (وزيرة سابقة بحكومة ثباطيرو) أن الموقف الإسباني الأخير من قضية الصحراء موقف عقلاني وواقعي يجب ان يشكل قاعدة لبناء مزيد من جسور التعاون بين البلدين مع تقوية الجسور الكائنة.
ويذكر أن العلاقات المغربية الإسبانية محصنة ومؤطرة بترسانة من الوثائق الدبلوماسية المشتركة (معاهدات، اتفاقيات، مذكرات تفاهم، إعلانات مشتركة…) وهي التي تمنح هذه العلاقات بين الدولتين تلك الصلابة التي يمكن أن تجعلها في منأى عن التقلبات الإقليمية الظرفية أو الجيو استراتيجية العالمية، على اعتبارها واحدة من أدوات الوقاية من الاصطدامات التي ينبغي تعزيزها ودراستها.