شكل يوم أمس التعبئة الـ11 احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد الذي لا يلقى شعبية في فرنسا، وتحول اليوم إلى مؤشر لمعرفة إذا ما كانت الحركة التي اتسمت بالعنف أخيرا وبتراجع في عدد المتظاهرين، تضعف أو بالعكس تزداد زخما، بينما تصر كل من الحكومة والنقابات على مواقفها.
وبات المشروع الرئيس في الولاية الثانية للرئيس إيمانويل ماكرون الذي ينص خصوصا على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، على سكة التطبيق بعدما أقر في 20 مارس بعد تظاهرات مستمرة منذ أسابيع عدة ونقاشات عقيمة في الجمعية الوطنية.
واختارت الحكومة في نهاية المطاف تمريره من دون تصويت، ولم تتراجع المعارضة والنقابات التي تطالب بسحبه، وفقا لـ”الألمانية”. وأتى يوم التعبئة السابق في 28 مارس في جو مسموم ومتوتر، ما أثار مخاوف من اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومثيري شغب.
لكنه جرى في نهاية المطاف في هدوء نسبي وبمشاركة عدد أقل من المتظاهرين بلغ 740 ألفا في جميع أنحاء فرنسا في مقابل أكثر من مليون في الأسبوع السابق حسب السلطات، ومليونين في مقابل 3.5 مليون حسب النقابات.
وهذه المرة، تتوقع الشرطة أن يبقى عدد المتظاهرين على حاله تقريبا بين “600 أو 800 ألف شخص، بينهم 60 إلى 90 ألفا في باريس” مع مشاركة نحو ألف شخص قد يشكلون خطرا في العاصمة.
ويبدو أن النشاط الاقتصادي الذي عانى كثيرا في ذروة الحركة، قريب من مستواه الاعتيادي. فثلاثة من أصل أربعة قطارات عالية السرعة واثنان من كل ثلاثة قطارات أنفاق وقطارات الضواحي في باريس تعمل حسب شركة السكك الحديد “إس إن سي إف” والإدارة الباريسية لوسائل النقل الباريسية “آر آ تي بي”.
وأعلنت الحكومة أنها قررت إصدار أوامر لإلزام مضربين إضافيين في القطاع النفطي بالعمل من أجل الحد من نقص الوقود في البلاد.
وظهر الانقسام الأساسي بين السلطة التنفيذية والشركاء الاجتماعيين مرة أخرى الأربعاء، حيث خرج قادة ثماني نقابات عمالية استقبلتهم إليزابيت بورن رئيسة الوزراء للمرة الأولى منذ العاشر من يناير، بعد ساعة بدون التوصل إلى اتفاق.
وأشادت رئيسة الحكومة بما وصفته بأنه خطوة مهمة، بينما رأى لوران بيرجيه رئيس النقابة الإصلاحية الاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمال “سي إف دي تي” أن “هناك أزمة اجتماعية تتحول إلى أزمة اقتصادية”. وبيرجيه كان محاورا في السابق لإيمانويل ماكرون.
واحتجت أوساط الرئيس الفرنسي الذي يزور الصين حاليا، بشدة على هذا التحليل، معتبرة أن “رئيسا منتخبا بأغلبية منتخبة، مع أنها نسبية، يسعى إلى تطبيق مشروع عرض بطريقة ديمقراطية، لا يمكن أن يوصف بأنه أزمة ديمقراطية”.
ورأت مايفا بيسموت “35 عاما” مستشارة التوجيه المدرسي في روبيه “شمال” أنها ستشارك في التظاهرات “كما في الأيام الـ11 السابقة”، ودانت سلطة تنفيذية لا تزال تستخدم الحجج نفسها مع أن نقابيين وكذلك خبراء واقتصاديين أسقطوها.
وفرنسا واحدة من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد، مع أنه لا يمكن المقارنة فعلا بين أنظمة التقاعد بين البلدان المختلفة. واختارت الحكومة تمديد فترة العمل من أجل الاستجابة للتدهور المالي لصناديق التقاعد وتشيخ السكان.
وأوضحت مونيك كوكيا “51 عاما” الناشطة في حزب اليسار الراديكالي وتدير شركة في لوم “شمال”، “ما دام هناك هذا الإصلاح سأبقى مع رفاقي متأهبين نريد سحبه بالكامل”.
ويبقى الأمل الأخير للمعارضين المجلس الدستوري الذي يتوقع أن يصدر قراره في 14 أبريل بشأن مشروع القانون، وقد يصادق عليه أو يفرض منعه جزئيا أو كليا.
وكالات