بعد الاعتداء الصارخ على استقلال السلطة القضائية و الامتناع عن إخراج المعتقلين من السجون لمحاكمتهم و منع المحامين من زيارتهم بمناسبة جائحة كورونا، إدارة السجون و في تحد صارخ للقانون تستبيح حصانة الدفاع مرة أخرى.
يتذكر الجميع عندما قرر المندوب العام لإدارة السجون الامتناع عن إخراج المعتقلين من السجون من أجل محاكمتهم بحجة الحفاظ على سلامتهم و صحتهم بمناسبة جائحة كورونا ، و عندما قرر بشكل انفرادي أيضا منع المحامين من زيارة المعتقلين بنفس الحجة، و ذلك في خرق سافر للدستور و لقانون المسطرة الجنائية و في اعتداء صريح على السلطة القضائية، ها هي إدارة السجون و من خلال مدير السجن المحلي عين السبع تعطي لنفسها حق إخراج محامين من السجن رغم أنهم يتوفرون على رخصة زيارة معتقلين حصلوا عليها من الجهة القضائية المختصة. فهل يحق لمدير السجن أو لموظفي السجن أن يطردوا محاميا من السجن بحجة عدم إدلائه بجواز التلقيح؟
بعد العودة إلى القانون 23.98 المتعلق بتنظيم و تسيير المؤسسات السجنية و كذا المرسوم 2.00.485 المحدد لكيفية تطبيق القانون المذكور، و اللذان يحددان بدقة اختصاصات مديري و موظفي السجون ، اتضح ألا أحد من هؤلاء يملك سلطة و صلاحية إخراج محام بالقوة من السجن لأي سبب من الأسباب. لكن بلاغ مدير السجن المذكور يقر فيه بالواضح أنه أعطى أوامره لموظفي السجن بإخراج المحامين من السجن ” من دون عنف” كما ورد في صيغة البلاغ رغم أنه لا يمكن تصور إخراج شخص عنوة من مكان معين دون استعمال القوة أو العنف ما دام هذا الشخص يرفض الخروج. بل الأكثر من ذلك فإن القانون 23.98 في فصله 87 الذي يمنح لمدير المؤسسة السجنية سحب أو إيقاف الترخيص بالزيارة لأسباب خطيرة ، يمنع ذلك في مواجهة المحامي الذي يكون بصدد زيارة موكله. أي أن المدير يملك هاته الصلاحية في مواجهة الجميع إلا المحامين. لكن السلوك السلطوي لمدير السجن و سيرا على النهج السلطوي الذي أصبح الأسلوب المفضل لدى القائمين على المؤسسات السجنية في البلاد ، جعله يعطي لنفسه و لموظفيه حق إضافة سلطات جديدة لا يمنحها لهم القانون و هي استعمال القوة لإخراج محام من السجن عوض الاتصال بالجهات القضائية المختصة لحل الإشكال . فطوبى لنا بمسؤولين فوق القانون.
*محامي وناشط حقوقي