بقلم: *د.إبراهيم ابراش
نقلا عن مصدر إسرائيلي – قناة كان- من المحتمل عقد قمة دولية في الأردن يوم غد الأحد لبحث وقف التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا نريد هنا استباق الحديث عن نتائج القمة ومدى إلزامية ما سيتمخض عنها وخصوصا أن قمم ولقاءات عديدة جرت قبل وأثناء كل تصعيد عسكري إسرائيلي وخصوصا على جبهة غزة ونذكر هنا بقمة شرم الشيخ في مصر 2009 و2012 ومؤتمر باريس في يوليو 2014 أثناء الحرب على غزة في نفس العام والتفاهمات واتفاقيات الهدنة التي كانت تجري برعاية مصرية وقطرية ودولية وآخرها العام الماضي، كما أن وزير الخارجية الأمريكية بلينكن بحث خلال جولته الأخيرة بداية الشهر مع الرئيس أبو مازن ومسؤولين إسرائيليين وأردنيين سبل منع التصعيد والحيلولة دون اندلاع انتفاضة خلال شهر رمضان .
منذ بدء المراهنة على التسوية السياسية في مؤتمر مدريد 1991 و أوسلو 1993 تجري عملية تهرب من الواقع وتغيير في جوهر الصراع وهو الاحتلال، فتارة يتم جذب الاهتمام إلى الحروب على غزة وصواريخ غزة، وتارة أخرى إلى التقارير الدولية حول الانتهاكات إسرائيلية، وتارة حول العمليات الفدائية وسقوط مدنيين، وأخرى حول اكتساب عضوية فلسطين في منظمات دولية أو التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، أو قرصنة إسرائيل لأموال المقاصة الخ كما يتم خلط الحابل بالنابل ويتداخل موضوع الصراع مع الاحتلال مع الصراعات والخلافات الفلسطينية الداخلية كموضوع الانقسام وفشل جهود المصالحة وحصار غزة وخلافة الرئيس أبو مازن وأزمة الانتخابات ثم تأتي إضرابات النقابات لتحقيق مكاسب مادية لتزيد من ارتباكات وتعقيد المشهد الخ ،كل ذلك بهدف إغراق الفلسطينيين بعديد المشاكل وتشتين اهتمامهم وابعادهم عن قضيتهم المركزية وما تتطلبه من وحدة وطنية، أيضا الالتفاف على أي مناقشة جادة في الأمم المتحدة أو في مؤتمر دولي لموضوع الاحتلال.
الإعلان عن هذه القمة جاء بعد أيام من المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال في نابلس وبعد يوم واحد من طلب القيادة الفلسطينية الحماية الدولية وهو طلب بحد ذاته ملتبس وغامض، وكأن المراد من هذه القمة القفز حتى عن الإنجازات الهزيلة التي يمكن تحقيقها في الأمم المتحدة من خلال قرارات وتوصيات غير ملزمة.
مجرد أن يكون عنوان القمة (منع التصعيد) فيه تحيز وتضليل ومساواة بين المجرم والضحية، لأن ما يجري هو عدوان من دولة استعمارية ضد شعب خاضع للاحتلال وما يقوم به الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية هو دفاع طبيعي عن النفس، ويُفترض في أي مؤتمر دولي أن يركز على موضوع انهاء الاحتلال لأن الاحتلال هو مصدر كل تصعيد وعدم استقرار في فلسطين وفي المنطقة.
نتفهم أن تكون القمة في الاردن لأن التخوفات من (التصعيد) له علاقة بالأماكن المقدسة وخصوصا المسجد الأقصى مع اقتراب شهر رمضان، ومصر وقطر تقومان بدورهما بالنسبة لضبط الأمور على جبهة غزة، وهذه الأماكن تحت الوصاية الأردنية. ولكن التخوف الأكبر أن تؤدي هذه اللقاءات إلى طلب مرابطة قوات دولية على حدود قطاع غزة لمنع التصعيد المزعوم وهذا يعني تكريس فصل غزة عن بقية فلسطين، كما نخشى أن يطلب المؤتمرون في قمة الاردن تواجد مراقبين دوليين في المناطق الأكثر توترا في الضفة الغربية مثل نابلس وجنين وقد رأينا الدور الهزيل إن لم يكن المتواطئ لهؤلاء المراقبين في مدينة الخليل عندما تواجدوا بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994.
وأخيرا وفي حالة انعقاد هذه القمة فإنها ستكون مجرد منصة وعنوان للإعلان عن تفاهمات سبق الاتفاق عليها بين الأطراف الفاعلة وخصوصا واشنطن وتل ابيب وعمان والقاهرة، ولا ندري ما هو الدور المنوط بالسلطة الفلسطينية في هذه التفاهمات؟ وهل إن إجراءات أمنية لمنع حدوث انتفاضة يصب في صالح الفلسطينيين أو صالح الإسرائيليين؟