شهر رمضان من الشهور المباركة التي تهل معها الخيرات والبركات والبشريات، فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، و لقد يسر الله لنا كل مقومات أداء الصيام بسهولة وطمأنينة مما يدفعنا إلى التفكير والتأمل في نعمه تعالى على عباده، وهي نعم تستوجب الشكر والتفكير في حال من لا تتوفر لهم ظروف الصيام، ولا تتاح لهم فرص أداء واجباته، نتيجة أمراض مستعصية أو ظروف حياتية صعبة.
وللصيام فضائل عظيمة شهدت بها نصوص الوحيين، وهي كرامة من الله للصائمين، فإنهم حرموا أنفسهم الطعام والشراب والشهوة، فأعطاهم الله سبحانه وتعالى من واسع عطائه، وفضلهم على غيرهم،و منها:
أولا: أن الله أضافه إلى نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله:”كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام؛ فإنه لي، وأَنا أجزي به”.
ولما كان ثواب الصيام لا يحصيه إلا الله تعالى، لم يكله تعالى إلى ملائكته، بل تولى جزاءه تعالى بنفسه، والله تعالى إذا تولى شيئا بنفسه دل على عظم ذلك الشيء وخَطَرِ قَدْرِه.
ثانيا:الصيام يشفَعُ لصاحِبِه يومَ القيامةِ
أي أن الأعمال الصالحة تَنفَعُ صاحبَها عند الله، وذلك بفضل الله ورحمته، ومن ذلك القرآن والصيام والقيام لله، كما يخبر في هذا الحديث عبد الله بن عمرِو بنِ العاصِ رضِيَ الله عنهما: أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: “الصِّيامُ”، أيْ: صيام رمضان، أو مطلق الصيام: الفرض والتطوع ، “والقرآنُ”، أي: قراءة القرآن، “يَشْفعانِ للعبْدِ يومَ القيامةِ” شفاعة حقيقية، كما دل عليه قوله: “يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار”؛ “فشَفِّعْني فيه”، أي: اقْبَلْ شَفاعتِي ووَساطَتي فيه.
ثالثا: الصوم من الأعمال التي وعد الله تعالى فاعلها بالمغفرة والأجر العظيم
لقوله صلى الله عليه وسلم :”مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”، و في هذا الحديثِ بِشارة عظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم لمن وفق لصيام شهر رمضان كله عند القدرة عليه، تصديقا بالأمر به، عالما بوجوبه، خائفا مِن عقاب تركه، محتسبا جزيل الأجر في صومه ، فإن المرجو من الله أن يغفر له ما تقدم من ذنوبه السابقة، غير-طبعا- الحقوق الآدمية المتعلقة بأموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم، فهذه لا تسقط إلا برضاهم، فعلى الإنسان أن يطلب المسامحة ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها.
رابعا: الصيام كفارة للذنوب والخطايا
لقوله صلى الله عليه وسلم :”الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ”.
وفي الحديث بيان لسعة رحمة الله عزّ وجل وتفضله بالمغفرة وإعطاء الأجر العظيم على العمل القليل.
خامسا: الصوم جنة وحصن من النار
لقوله صلى الله عليه وسلم :”مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا”.
سادسا: الإكثار من الصوم سبب لدخول الجنة
لقوله صلى الله عليه وسلم :”إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ”.
ثامنا: خُلُوفُ فَمِ الصائم أطيب عند الله تعالى مِن رِيحِ المِسْكِ
لقوله صلى الله عليه وسلم :”والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ”.
وعليه فشهر رمضان من أفضل الشهور، وقيام ليله من الأعمال الجليلة، فمن قام كل رمضان، وأَحيا لياليه، رغبة في الثواب من عند الله تبارك وتعالى، لا مستثقلا ولا متضجرا، فإن في ذلك مغفرة للذنوب، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم :”من قام رمضان ، إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه”.