أزمة اكتظاظ السجون المغربية..الصعوبات والحلول

بقلم: *ياسين بنقدور*

تعتبر السجون مؤسسات عمومية تختص بإصلاح وتهذيب والتحفظ بالأشخاص الموضوعين رهن تدابير الاعتقال الاحتياطي الى غاية صدور حكم قضائي سالب للحرية في حقهم ، وتجدر الإشارة في هذا الاطار أن المؤسسات السجنية منظمة بموجب القانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية ، الذي قسم السجون حسب المادتين الثانية و الثامنة منه ، الى صنفين هما : السجون المحلية المختصة باستقبال المعتقلين الاحتياطيين والمحكوم عليهم بعقوبات قصيرة الأمد والمكرهين بدنيا ، ثم السجون المدنية التي تصنف بدورها الى أربعة طوائف وهي : السجون المركزية – السجون الفلاحية – السجون المحلية مراكز الإصلاح والتهذيب .
ويرجع أساس هذا التصنيف الى خطورة الفعل و الفاعل ، ثم السن و الوضعية الاجتماعية للسجناء . ويتوفر المغرب اليوم ، حسب الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الادماج على 85 مؤسسات سجنية توزع كالاتي : سجون المركزية عددها 2 – السجون المحلية عددها 75 ، مراكز الإصلاح و التهذيب عددها 2 – السجون الفلاحية عددها 6 .
و يوجد اليوم حوالي 100,000 سجين في المغرب، وفقًا لتقرير الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج هذا العدد يشكل زيادة بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق ، ما يمثل أزمة حقيقية تواجه المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج باعتبارها الجهة الوصية على تدبير الوضعية السجنية بالمغرب .
هذه الازمة طفت على سطح من خلال البلاغ الصحفي الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بتاريخ 2023-08-07 و الذي دق ناقوس الخطر واعرب عن تخوفه الكبير من ظاهرة اكتظاظ المؤسسات السجنية ، التي تمس بحقوق السجين المكفولة له دستوريا وبموجب الصكوك الدولية ، وهكذا فقد بلغت الطاقة الاستيعابية للسجون بتاريخ 7 غشت 2023 ، 100004 سجين وهو رقم كبير جدا ، علما ان الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية لا تتجاوز 64600 سرير .
ولا يخامرنا ادنى شك ، أسباب اكتظاظ المؤسسات السجنية ترجع الى أسباب عديدة في مقدمتها انتشار الجريمة ، و ارتفاع عدد المعتقلين احتياطيا ، اذ بلغ هذا الأخير حسب الدورية الصادرة عن رئاسة النيابة العامة بتاريخ 15 يونيو 2021 ، 44.49 % من مجموع الساكنة السجنية ما يشكل ارتفاع مهول في نسبة الاعتقال الاحتياطي مقارنة بنظيرتها المسجلة في سنة 2020 وفي هذا السياق أكد رئيس المرصد المغربي للسجون أنه الى جانب الاعتقال الاحتياطي فان العقوبات قصيرة الأمد التي تبدأ من شهر الى شهرين تعتبر المشكل الرئيس المتسبب في ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون و التي تقدر بنسبة 23 % .
وترتيبا على ما تقدم يمكن القول عن حق ، انه بالرغم من الاكراهات و المعوقات التي تواجه المؤسسات السجنية ، فان المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الادماج ، استطاعت تدبير هذه الازمة بحكمة وبصيرة ، في ظل الامكانية المادية و الادارية المتوفرة لديها ، في افاق إيجاد حلول واقعية و منطقية كفيلة بتذليل هذه الاكراهات ، و التي من ضمنها نقترح ما يلي :
– اعتماد العقوبات البديلة عن العقوبات السالبة للحرية من قبيل العمل لفائدة المصلحة العامة و التي ستساهم لا محال في التخفيف من حدة هذه الازمة
– ترشيد الاعتقال الاحتياطي من طرف قاضي التحقيق و النيابة العامة ، وجعله حصرا على حالات الضرورة المحددة صورها في قانون المسطرة الجنائية
– تفعيل مقترح الافراج المقيد في حالة توفر شروط هذه الأخير من قضاء مدة من العقوبة و حسن السلوك و التوفر على وسائل للعيش بعد الافراج .
– تعزيز عدد المؤسسات السجنية عن طريق بناء مؤسسات سجنية جديدة وبطاقة استيعابية اكبر .
التوعية و التحسيس بخطورة الجريمة، وبأن الدولة تصرف مبالغ مهمة في سبيل تجهيز السجون، وتوفير ظروف ملاءمة للسجناء.

*باحث في الشؤون القانونية