المساء24 ـ الرباط
أكد هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، أن حماية المال العام تظل من أسمى المهام وأصعبها، لما تقتضيه من تعبئة تشريعية وقضائية متواصلة، تروم أساسا صون حقوق المجتمع وتخليق الحياة العامة، عبر ترسيخ قيم النزاهة والشفافية وتعزيز ثقة المواطن في المؤسسات العمومية.
وجاءت تصريحات البلاوي خلال كلمته الافتتاحية لأشغال الدورات التكوينية المتخصصة في الجرائم المالية، التي تنظمها رئاسة النيابة العامة بمقرها بالرباط خلال أيام 27 و28 و29 أكتوبر الجاري، بمشاركة قضاة وضباط شرطة قضائية من مختلف محاكم المملكة.
وقال رئيس النيابة العامة إن الجرائم التي تمس المال العام لا تقتصر على الخسائر المالية المباشرة، بل تتعداها لتقويض أسس التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي، مشددا على أن التصدي لهذا النوع من الإجرام يمر عبر التكوين المستمر والتخصصي باعتباره خيارا استراتيجيا لا غنى عنه لمواكبة المستجدات القانونية والواقعية.
وأوضح البلاوي أن رئاسة النيابة العامة وضعت برنامجا تكوينيا متكاملا يمتد على مدى ثلاثة أشهر “أكتوبر، نونبر ودجنبر”، يتضمن ثللاث حلقات متخصصة، مبرزا أن هذا البرنامج يأتي بعد تشخيص دقيق لواقع العمل بأقسام الجرائم المالية، والوقوف على مجموعة من الصعوبات التقنية والفنية التي تعترض القضاة وضباط الشرطة القضائية.
وأشار إلى أن آخر تكوين تخصصي في هذا المجال يعود إلى سنة 2020، وهو ما استدعى إعادة إطلاق دورات جديدة لتجديد المعارف القانونية والعلمية ومواكبة التطورات المتسارعة في مجال مكافحة جرائم الأموال، التي باتت أكثر تعقيدا بفعل تطور أساليب الاختلاس وتبديد المال العام وغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأكد البلاوي أن هذه الدورات لا تقتصر على القضاة العاملين بأقسام الجرائم المالية فقط، بل تشمل جميع محاكم المملكة، من خلال اعتماد تقنية التناظر المرئي عن بعد، بما يتيح توسيع دائرة الاستفادة وتكريس مبدأ نقل الكفاءات.
وأضاف أن رئاسة النيابة العامة بصدد إعداد برنامج تكويني جديد لسنة 2026، في إطار استراتيجية مستدامة تهدف إلى الرفع من الكفاءة المهنية لأجهزة العدالة الجنائية وتعزيز قدراتها التقنية في مواجهة الجرائم المالية المعقدة.
وشدد رئيس النيابة العامة على أن التكوين المستمر يمثل منهجا أساسيا لتعزيز دقة البحث والتحقيق والبت في قضايا الفساد المالي، مشيرا إلى أن التعامل مع الملفات المالية المعقدة يتطلب فهما معمقا للأنظمة المحاسبية والمالية، وقدرة على تحليل البيانات وكشف التحويلات المشبوهة.
وقال البلاوي إن هذه الدورات تسعى إلى خلق لغة مهنية مشتركة وتعاون بناء بين قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق والحكم وضباط الشرطة القضائية، بما يسهم في رفع جودة الأبحاث وتحليل الشبكات المعقدة من الأرقام والبيانات، ويؤسس لثقافة قضائية متجددة في مكافحة جرائم المال العام.
وذكر البلاوي بالتوجيهات الملكية السامية التي تؤكد على أهمية التكوين المستمر في المجال القضائي، مستشهدا بخطاب عاهل البلاد بمناسبة افتتاح السنة القضائية سنة 2003 بمدينة أكادير، الذي أكد فيه أن “تأهيل العدالة رهين بالتكوين الجيد للقضاة”.
وفي ختام كلمته، عبر الوكيل العام للملك عن شكره للخبراء والمؤطرين والمشاركين في هذه الدورة، سواء حضوريا أو عن بعد، داعيا قضاة النيابة العامة إلى مواصلة جهودهم في مكافحة الفساد وتسريع وتيرة الأبحاث القضائية وتفعيل إجراءات الردع، انسجاما مع أولويات السياسة الجنائية الوطنية.
وأكد أن حماية المال العام، رغم صعوبتها، تظل جوهر العدالة ومجالا مركزيا في تنزيل توجيهات الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يدعو إلى ترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية وتحصين المرفق العام من كافة أشكال الفساد المالي والإداري.
 
			




































































